٢ ـ عادةً ما يتم استجلاب عنصر بشري من الخارج لملء فجوة أو ثغرة قد تنشأ بين رغبات المجتمع وحاجاته من ناحية ومقدرته على إشباع هذه الرغبات والوفاء بهذه الحاجات من ناحية أخرى.
أ) فقد تنشأ حاجة إلى الغزو والتوسع داخل مجتمع ما، الأمر الذي يتطلب مادة بشرية مُدرَّبة تدريباً خاصاً على القتال ولها كفاءات معينة (مثل استخدام سلاح معيَّن وركوب الخيل) لا تجدها النخبة الحاكمة متوافرة في أعضاء المجتمع، فتقرر النخبة استجلاب مرتزقة من الخارج يمكنهم أداء المهمة دون تهديد هيمنتها.
ب) كما أن دولة من الدول قد تتوسع وتصبح إمبراطورية مترامية الأطراف وتود التحكم في المناطق الإستراتيجية التي ضمتها أو تعمير بعض المناطق النائية، ولكنها لا تمتلك الكثافة البشرية اللازمة. وهنا يتم استجلاب أعضاء الجماعة الوظيفية ليسدوا هذه الثغرة وليصبحوا مستوطنين مقاتلين أو رواداً.
جـ) وقد تقرر النخبة الحاكمة تشجيع التجارة أو الصناعة، فتحتاج إلى خبرة معيَّنة وأدوات خاصة ورأس مال كبيراً سائلاً وشبكة علاقات محلية أو دولية قد لا تتوافر لدى أي قطاع بشري داخل المجتمع، فتُستجلب جماعة بشرية تتوافر لديها هذه المواصفات لتسد الثغرة.
د) وأحياناً ما تجد النخبة الحاكمة أن من الضروري صيانة ما يُسمَّى «ثغرة المكانة» ، وهي ثغرة تفصل بين الحاكم والمحكوم وتضمن للنخبة الحفاظ على هيبتها ومهابتها، لكن التعامل المباشر بين الحاكم والمحكوم يهدد استمرار مثل هذه الثغرة. وهنا تقوم الجماعة الوظيفية بملء الثغرة وتكون بمنزلة المنطقة العازلة والأداة المُوصِّلة بين النخبة والجماهير.
هـ) قد تريد النخبة الحاكمة استغلال الجماهير، ولكنها لا تتمكن من القيام بهذه المهمة مباشرة إما لانشغالها بالحروب أو لتواجدها في العاصمة مركز السلطة، وهنا يقوم أعضاء الجماعة الوظيفية بالمهمة.