ومع هذا تدور كل الحلول الإسرائيلية المطروحة لإشكالية الصراع الدائر في فلسطين المحتلة داخل إطار صهيوني. قد تختلف طبيعة الحل في اعتدالها وتطرفها من اتجاه لآخر، لكن كل الاتجاهات لا تتنازل عن الحد الأدنى الصهيوني، وتحاول الوصول إلى الحد الأقصى حينما تكون الظروف مواتية.
الصهيونية في التسعينيات: محاولة للتصنيف
Zionism in the Nineties: An Attempt at Classification
في محاولتنا تعريف الصهيونية طرحنا الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة كإطار للتعريف ومن ثم سمينا كل "المدارس" الصهيونية "تيارات"، باعتبار أنها جميعاً تتقبل الصيغة الصهيونية. وبيَّنا أن إدخال ديباجات يهودية على هذه الصيغة قد هوَّدها دون أن يُغيِّر بنيتها، وأن التهويد يستند في واقع الأمر إلى الحلولية اليهودية.
وفي محاولتنا تصنيف الاتجاهات الصهيونية الجديدة المختلفة سنتبع نفس المنهج، وسنبدأ بالصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة باعتبارها تُشكِّل الإجماع الصهيوني أو الحد الأدنى الصهيوني الذي ينطلق منه الجميع. أما الحلولية فهي الإطار الذي تم من خلاله تهويد الصيغة وعقد الاتفاق بين الصهاينة دعاة الديباجات الدينية والعلمانيين. وفي هذا الإطار سنشير إلى اتجاهين صهيونيين أساسيين يعكسان التطوُّرات التي حدثت داخل المعسكر الصهيوني وفي العالم.
ويمكننا القول بأن المشروع الصهيوني قد مرّ بمرحلة "بطولية" كانت الأيديولوجية الصهيونية فيه تشكل دليلاً للعمل، وكانت جماعة المستوطنين (قبل أو بعد ٤٨) تتسم بالتماسك ووضوح الرؤية النسبي، وقد زاد الرفض العربي هذا التماسك، إذ أصبح البقاء الإشكالية الأساسية. ولكن بعد عام ١٩٦٧، لم يَعُد البقاء قضية ملحة وتصاعد الاستهلاك وتفاقمت الأزمة. وقد واكب هذا ظهور النظام العالمي الجديد مع ما يتسم به من سيولة أيديولوجية.
استجابة لهذا الوضع ظهر تياران أساسيان (وتنويعات كثيرة عليهما) :