شحمتى أذنيه، عيناه لسانان ناطقان، ربعة من الرجال، بعيد ما بين المنكبين جهوري الصوت.
وقد ذكر نبذة من اختياراته (العلامة ابن رجب) المتوفى سنة سبعمائة وخمس وتسعين في ((طبقاته)) وفصل أيضاً سيرته وأحواله والثناء عليه. وقد توفي سنة سبعمائة وثمان وعشرين، سحر ليلة الإثنين عاشر ذي القعدة الحرام في السجن؛ فأخرج إلى جامع دمشق فصلوا عليه، فكان يوماً مشهوداً، لم يعهد بدمشق مثله وبكى الناس بكاء شديداً وتبركوا بماء غسله واشتد الزحام على نعشه ودفن بمقابر الصوفية بعد أن وصلوا عليه مراراً. وحزر من حضر جنازته بمائتي ألف، ومن النساء بخمسة عشر ألفا. وختمت له ختمات كثيرة. ورثي بقصائد بليغة منها قصيدة الشيخ عمر بن الوردى وهي: الوافر .
عثا في عرضه قوم سلاط ... لهم من نثر جوهره التقاط
تقي الدين أحمد خير حبر ... خروق المعضلات به تخاط
توفي وهو محبوس فريد ... وليس له إلى الغلى الدنيا انبساط
ولو حضروه حين قضى لألفوا ... ملائكة النعيم به أحاطوا
قضى نحباً وليس له قرين ... ولا لنظيره ألف القماط
فتى في علمه أضحى فريداً ... وحل المشكلات به يناط
وكان إلى التقى يدعو البرايا ... وينهي فرقة فسقوا ولا طوا
وكان الجن تفرق من سطاه ... بوعظ للقوب هو السياط
فيا لله ما قد ضم لحد ... ويا لله ما غطى البلاط
هم حسدوه لما لم ينالوا ... مناقبة فقد مكروا وشاطوا
وكانوا عن طرائقه كسالى ... ولكن في أذاه لم نشاط
وحبس الدر في الأصداف فخر ... وعند الشيخ في السجن اغتباط
بآل الهاشمي له اقتداء ... فقد ذاقوا المنون ولم يواطوا