خلافاً للمعتزلة. فمعتزلة البصرة قالوا بوجوب الأصلح في الدين، وقالوا تركه بخل ويفه يجب تنزيه البارى تعالى عنه، ومنهم الجبائي. وذهب معتزلة بغداد إلى وجوب الصلح في الدين والدنيا معاً، لكن بمعنى الأوفق في الحكمة والتدبير. وهذه المسألة مترجمة في كتب القوم بمسألة وجوب الصلاح والأصلح أنتهى.
قلت: والكلام فيها مبسوط في محله. وقصة الأشعري مع الجبائي المتقدمة لك في ترجمته قاضية بحقية مذهب أهل السنة ثم قال:
تنبيه - مذهب القول بالصلاح والأصلح مبني فيما قاله متكلموا الأشاعرة وغيرهم على قاعدتين:
إحداهما - تحسين العقل وتقبيحه في الأحكام الشرعية.
الثانية - استلزام الأمر للإدارة، فإن قلت: قد أسلفت أن أسلافك مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم وغيرهما لهم الميل الاستدلال لإثبات التعليل والحكمة في الخلق والأمر، وذلك من اصول القول بالصلاح والأصلح. ثم هنا أبطلت هذا القول، وذكرت من لوازمه ما لا جواب عنه فما تصنع في هذه اللوازم التى ألزمت بها المعتزلة وما الجواب عنها إذا وجهت إليكم؟.
قلت: لا ريب، إنما نثبت لله وما أثبته لنفسه، وشهدت به الفطرة والعقول من الحكمة في خلقه وأمره، فكل ما خلقه وامر به فله فيه حكمه بالغة. وآية ظاهرة لأجلها خلقه وأمر به. لكن نقول: إن الله تعالى في خلقه كالفرق بين الفعلين، وكالفرق بين الوصفين والذاتين، فليس كمثله شئ في وصفه ولا في فعله ولا في حكمه مطلوبة له.
بل الفرق بين الخالق والمخلوق في ذلك كله أعظم فرق وابينه وأوضحه عند العقول والفطر، وعلى هذا فجميع ما ألزمت به الفرق القائلة بالصلاح