انتهى باقتصار. وإن أردت كمال الوقوف على أدلته وتفصيل مراميه فارجع إلى تصنيفاته، والله الهادي لصوب الصواب، وبه الاستعانة وإليه المآب.
وقول الولي الواصل والعارف الكامل، سيدى الشيخ عند القادر الكيلاني قدس سره النوراني في كتابه (الغنيمة) ما نصه:
وأقل ما في الرضا أن يقطع عما سوى الله عز وجل، وقد ذم الله تعالى الطمع في غيره عز وجل، فروى عن يحيى بن كثير أنه قال: قرأت التوراة فرأيت فيها ان الله سبحانه وتعالى يقول: ملعون من كان ثقته بمخلوق مثله.
وروى في بعض الأخبار: ((أن الله عز وجل يقول: وعزتى وجلالي وجودى ومجدى، لأقطعن أمل كل مؤمل أمل غيرى باليأس، ولألبسه ثوب المذلة بين الناس، ولأبعدنه من قربي، ولأقطعنه من وصلى. أيؤمل في الشدائد غيرى؟ ويطرق بالفكر أبواب غيرى؟ وهي مغلقة ومفاتحها بيدى)) .
وروى في خبر آخر: أن الله عز وجل يقول: ((ما من عبد يعتصم دون خلقى أعلم ذلك من قلبه ونيته فتكيده السماوات والأرض ومن فيهن إلا جعلت له من ذلك مخرجاً. وما من عبد يعتصم بمخلوق دونى غلا قطعت أسباب السماء من فوقه، وأسخت الأرض من تحت قدميه، ثم أهلكه في الدنيا وأتعبه فيها)) .
وروى عن بعض الصحابة، رضوان الله تعالى اجمعين أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من تعزز بالناس ذل)) ، وقيل: ((من اتكل على مخلوق مثله ذل)) ، فكفاه الطمع بما يناله من إطلاع قلبه، وتشتت همه وذله ومسكنته، فقد اجتمع عليه أمران: ذل في الدنيا، وبعد من الله عز وجل بلا إزدياد في رزقه ذرة واحدة.
وقال بعضهم: لآ أعرف شيئاً أضر على المريدين والطالبين من الطمع، ولا أخرب لقلوبهم، ولا أذل لهم، ولا اظلم لقلوبهم، ولا ابعد لهم، ولا أشد