لم يشك في ان الاستغاثة باصحاب القبور الذين هم بين سعيد شغله نعيمه، وتقلبه في الجنان عن الالتفات إلى ما في هذا العالم، وبين شقى ألهاه عذابه، وحبسه في النيران عن إجابة مناديه، والاصاخة إلى أهل ناديه - امر يجب اجتنابه ولا يليق بارباب العقول ارتكابه.
ولا يغرنك ان المستغيث بمخلوق قد تقضى حاجته، وتنجح طلبته - فإن ذلك ابتلاء وفتنة منه عز وجل.
وقد يتمثل الشيطان للمستغيث في صورة الذى استغاث به فيظن أن ذلك كرامة لمن استغاث به هيهات! هيهات! إنما هو شيطان اضله واغواه، وزين له هواه، وذلك كما يتكلم الشيطان في الأصنام، ليضل عبدتها الطغام.
وبعض الجهلة يقول: إن ذلك من تطور روح المستغاث به، أو من ظهور ملك بصورته كرامة له. ولقد ساء ما يحكمون، لأن التطور والظهور، وإن كانا ممكنين، لكن لا في مثل هذه الصورة، وعند ارتكاب هذه الجريرة، نسال الله تعالى باسمائه ان يعصمنا من ذلك، نتوسل بلطفه أن يسلك بنا وبكم حسن المسالك. انتهى.
وهو توسط عند ذوى العقول مقبول، موافق للمنقول والمعقول، ولا اظنك تجده في كتاب فهو اللباب لذوى الألباب.
وقال الوالد عليه الرحمة ايضاً في باب الإشارة من تفسيره ما نصه: قال تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ترف في وجوه الذين كفروا المنكر ... .} الآية الحج ٧١- فيه إشارة إلى ذم المتصوفة الذين إذا سمعوا الايات الرادة عليهم ظهر عليهم التجهم والمبسور، وهم في زماننا كثيرون، فإنا لله وإنا غليه راجعون.
وفي قوله تعالى: {إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ... ... ..}