وقد أغلقت الجمعيتان ونُفي يعقوب صنوع إلى خارج البلاد عام ١٨٧٨ فاستقر في باريس إلى آخر حياته. وهناك التقى بأديب إسحاق والأفغاني ومحمد عبده وإبراهيم المويلحي وخليل غانم ثم مصطفى كامل وغيرهم، وواصل دعايته للقضية الوطنية بعد الاحتلال البريطاني، فأصدر العديد من الصحف بالعربية والفرنسية. وأخذ يتنقل في أوربا للدفاع عن وطنه واشترك في الحملات التي شُنَّت على الخديوي إسماعيل والاحتلال البريطاني، وراسل عرابي في منفاه في سيلان، وعبَّر عن ابتهاجه بانتصار اليابانيين على قوة غربية بيضاء مثل روسيا القيصرية.
وقد ظل يعقوب صنوع شأنه شأن كثير من رواد الحركة الوطنية في مصر يتصور أن بعض القوى الغربية (فرنسا على وجه التحديد) يمكنها أن تساعد المصريين ضد الاحتلال الإنجليزي، ولكن خابت آماله عام ١٩٠٤ بعد توقيع صفقة الاتفاق الودي بين فرنسا وإنجلترا التي تم بمقتضاها حسم التناقضات بين القوتين الاستعماريتين. وقد ظل يعقوب صنوع يُعبِّر عن إعجابه بالسلطان عبد الحميد طيلة عشرين عاماً نتيجة مقاومته الأطماع الأوربية (وكان السلطان يبادله الإعجاب) . ومع هذا رحَّب يعقوب صنوع بدستور ١٩٠٨ ظناً منه أنه بداية حقيقية للإصلاح وللتصدي للنهم الاستعماري الغربي.
وقد كتب يعقوب صنوع قصيدة بالعربية الفصحى بعنوان «القول الوجيز في دخول الإنجليز» وكيف سلمها الخونة للغزاة جاء فيها:
مصر الفتاة أبو سلطان أسلمها
وإنما أسلم الإسلام بالذهب
هم رأسوه على النواب يرشدهم
فكان نائبه من أكبر النوب
وقد أثارت لهيب النار ندوته
فصار أولى بأن يُدعَى أبا لهب
تبت يداه على ما جاء من عمل
لم يأته خائن في سالف الحقب
ولا يمكن القول بأن القصيدة من عيون الشعر العربي، فهي لا تختلف كثيراً عن مثل هذه القصائد التي تُكتَب في المناسبات وتتبع قوالب لفظية ومجازية جاهزة. ولكن ما يهمنا هنا هو المصطلح العربي الإسلامي الواضح.