القوى السياسية والتاريخية. وعلى كلٍّ، فهذه نقطة قصور في عصر الاستنارة ككل حيث جرى تجاهُل أهمية الدين بسبب الالتزام بفكرة الإنسان الطبيعي أو الإنسان العقلاني المادي. ومن هنا نجد بعض العبارات السطحية، مثل «في كلمة واحدة، أكره كل الآلهة» ، وهي عبارة من مسرحية بروميثيوس للكاتب الإغريقي أيسخيلوس جعلها ماركس شعاراً لرسالته في الدكتوراه. ومن هنا نجد بعض الشعارات السطحية التي أطلقها ماركس مثل: «الدين أفيون الشعب» والتي لا تعبِّر بالضرورة عن كلية وتركيبية موقفه من الدين. ومن هنا نجد رؤيته السطحية للدين باعتباره جزءاً من بناء فوقي غير حقيقي خاضع بشكل مطلق للظروف الاجتماعية والاقتصادية يعبِّر في نهاية الأمر عن بناء تحتي حقيقي (اقتصادي مادي) .
أما الدراسات الأنثروبولوجية والاجتماعية التي ترى أن الدين مقولة تحليلية وعنصر مهم في الحضارة الإنسانية، فلم تظهر إلا في مرحلة لاحقة، واتضح أثرها في تفكير ورنر سومبارت وماكس فيبر اللذين طرحا إشكالية أصول الرأسمالية وعلاقتها بالدين اليهودي أو بالبروتستانتية (على عكس الكاثوليكية) بشكل أكثر تركيباً وعمقاً وأصالة، وبشكل يحاول تحاشي السببية البسيطة الصلبة.
وقد يكون من المفيد أن نشير إلى أن ماركس شارك في العنصرية العامة التي كانت تسم الحضارة الغربية في ذلك الوقت، وإلى أن الصورة الإدراكية لليهود في ذهنه لم تكن تختلف كثيراً عن الصورة الإدراكية التي صاغتها العنصرية الغربية، واستمر إدراكه لليهود من خلال هذه الصورة طوال حياته. وقد وردت هذه العبارات في كتابات ماركس (الرسائل والكتب) :
ـ «اليهودي ذو الابتسامة الباهتة» .
ـ «يهودي فيينا الملعون» .
ـ «المؤلف.. هذا الخنزير.. يهودي اسمه ماير» .
وتصبح الأمور أكثر سوءاً إذا كان اليهودي من العاملين بالشئون المالية:
ـ «اليهودي بامبرجر جزء من معبد/ بورصة باريس» .
ـ «يهودي البورصة» .