وتُعدُّ المؤسسة العسكرية في إسرائيل مصدراً رئيسياً للتجنيد للمناصب الحكومية العليا والمناصب السياسة الحزبية حيث هذه المناصب الحزبية ممرات شبه إجبارية لتولِّي مناصب حكومية. وتؤكد الدراسات أن ١٠% من كبار الضباط المسرحين يتفرغون للعمل السياسي.
كما أن إدارة الوضع الأمني في المناطق المحتلة سواء بعد حرب ١٩٦٧ أو بعد عملية إعادة الانتشار في أعقاب أوسلو (٢) أو لمواجهة حركات المقاومة الإسلامية التي لم تضع سلاحها بعد (كحركتي حماس والجهاد الإسلامي) جعلت وزارة الدفاع والحكام العسكريين ومجموعة الاستخبارات العسكرية وقوات الشرطة في المناطق المحتلة بمنزلة حكومة عسكرية مُصغَّرة تقوم بمهام عسكرية وسياسية بارزة.
وتحمل السياسة الخارجية هي الأخرى بصمة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. فرئاسة الأركان والجهاز الأمني هما الجهتان الوحيدتان اللتان تتولَّىان منذ سنوات مهمة تقويم الوضع الأمني. وكما يقول شلومو جازيت، رئيس الاستخبارات الإسرائيلية السابق، إنه لا يوجد في الجهاز المدني هيئة مشابهة لرئاسة الأركان وشعبة الاستخبارات قادرة على تَفحُّص المعطيات الأمنية وبلورة الوضع القومي.
٢ ـ عسكرة الاقتصاد:
اتسم المجال الاقتصادي الإسرائيلي بالنزعة العسكرية وخصوصاً بعد حرب ١٩٦٧، حيث تحوَّل الإنتاج العسكري إلى الفرع الإنتاجي القائد في بنية الإنتاج والتصدير.
ويؤكد ذلك جملة من المؤشرات لعل من أهمها:
* تزايد الإنفاق العسكري من ١٨% عامي ١٩٨٥ ـ ١٩٨٦ إلى حوالي ثلث الموازنة المالية (٣٣%) مع تزايد التزامات إسرائيل العسكرية ومع زيادة تكاليف الصناعات العسكرية وتشعُّبها (صواريخ ـ أقمار صناعية ـ أسلحة نووية) .
* تزايد حجم قطاع الصناعات العسكرية (سواء قطاع الصيانة أو قطاع الإنتاج) بحيث أصبح أكبر قطاع صناعي في إسرائيل سواء استناداً لمعيار رأس المال الثابت أو اليد العاملة حيث أصبحت تمثل ٤٠% من إجمالي الصناعة في إسرائيل.