يقرأ عليهم: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} حتى بلغ {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قال: "أنتم"، {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} قال: "أنتم"، {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} قال: "أنتم" (١)، ففي هذه الآيات وهذا الحديث ذكر لمناقب وفضل شعراء الصحابة ومن هم على شاكلتهم بشعرهم، فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يستعين بهم في الرد على المشركين والمفاخرة بالإسلام.
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله" (٢)، وقد أرسل حسان بن ثابت قصيدة لعبدالله بن الزبعرى قبل أن يسلم وذلك بعد أن هرب إلى نجران عندما فتح الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكة ولجأ إلى حصن فيها فقال حسان:
لا تعدمن رجلاً أحلك بغضه ... نجران في عيش أحذَّ لئيم
بليت قناتك في الحروب فألفيت ... خمانةً جوفاء ذات وصوم
غضب الإله على الزبعرى وابنه ... وعذاب سوء في الحياة مقيم
فلما جاء ابن الزبعرى شعر حسان تنبه إلى حاله ونفسه ثم جاء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأعلن إسلامه (٣).
وقد أصبح الشعر الإسلامي في عهد الصحابة وسيلة للتعريف بالإسلام في ذلك الوقت؛ فقصيدة عبدالله بن رواحة - رضي الله عنه - فيها عقيدة وتوحيد خالص لله
(١) المستدرك على الصحيحين، الحاكم، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب حسان بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه -، رقم ٦١٦٦، ٤/ ٢٠٤.
(٢) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت - رضي الله عنه -، رقم ٢٤٩٠، ص ١٠٩٥.
(٣) انظر: المغازي، الواقدي، ص ٥٦٩ - ٥٧٠.