Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
الِاسْتِثْنَاءَ؛ بَل كَانَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى طَرِيقَةِ مَن كَانَ قَبْلَهُ، وَلَكِنْ أَحْدَثَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ.
وَأَمَّا مَذْهَبُ سَلَفِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ؛ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَابْنِ عُيَيْنَة، وَأَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرِهِ مِن أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فَكانُوا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ (١).
وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ عَنْهُمْ، لَكِنْ لَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ مَن قَالَ: أَنَا أَسْتَثْنِي لِأَجْلِ الْمُوَافَاةِ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ إنَّمَا هُوَ اسْمٌ لِمَا يُوَافِي بِهِ الْعَبْدُ رَبَّهُ؛ بَل صَرَّحَ أَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَتَضَمَّنُ فِعْلَ الْوَاجِبَاتِ، فَلَا يَشْهَدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بذَلِكَ، كَمَا لَا يَشْهَدُونَ لَهَا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْلَمُونَهُ، وَهُوَ تَزْكِيَةٌ لِأَنْفُسِهِمْ بِلَا عِلْمٍ.
وَأَمَّا الْمُوَافَاةُ: فَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِن السَّلَفِ عَلَّلَ بِهَا الِاسْتِئْنَاءَ.
وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ (٢): أَنَّ الْإِيمَانَ الْمُطْلَقَ يَتَضَمَّنُ فِعْلَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ عَبْدَهُ كُلَّهُ، وَتَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ كُلِّهَا، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا مُؤْمِنٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَقَد شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِأَنَّهُ مِن الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ الْقَائِمِينَ بِفِعْلِ جَمِيعِ مَا أُمِرُوا بِهِ، وَتَرْكِ كُلِّ مَا نُهُوا عَنْهُ، فَيَكُونُ مِن أَوْليَاءِ اللهِ، وَهَذَا مِن تَزْكِيَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ بِمَا لَا يَعْلَمُ، وَلَو كَانَت هَذِهِ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةً لَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أنْ يَشْهَدَ لِنَفْسِهِ بِالْجَنَّةِ إنْ مَاتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، وَلَا أَحَدَ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ بِالْجَنَّةِ، فَشَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ بِالْإِيمَانِ كَشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ بِالْجَنَّةِ إذَا مَاتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ.
(١) قال الشيخ في موضع آخر: الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيمَانِ سُنَّةٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ. اهـ. (٧/ ٦٦٦)
(٢) المأخذ الأول ذكره في (ص ٤٢٩)، ثم استطرد وأطال حتى ظننت أنه نسي المأخذ الثاني، فإذا به يذكره بعد سبع عشرة صفحة!! (٤٤٦).