Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
فَهَمُّ الْخَطِرَاتِ يَكُونُ مِن الْقَادِرِ، فَإِنَّهُ لَو كَانَ هَمُّهُ إصْرَارًا جَازِمًا وَهُوَ قَادِرٌ: لَوَقَعَ الْفِعْلُ (١).
وَمِن هَذَا الْبَابِ هَمُّ "يُوسُفَ" حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} يوسف: ٢٤ الْآيَةُ، وَأَمَّا هَمُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي رَاوَدَتْهُ فَقَد قِيلَ: إنَّهُ كَانَ هَمَّ إصْرَارٍ؛ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ مَقْدُورَهَا.
وَكَذَلِكَ الْحَرِيصُ عَلَى السَّيِّئَاتِ الْجَازِمُ بِإِرَادَةِ فِعْلِهَا إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ إلَّا مُجَوَّدُ الْعَجْزِ، فَهَذَا يُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةَ الْفَاعِلِ لِحَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ وَلمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قِيلَ: هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبهِ" (٢) وَفِي لَفْظٍ: "إنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ" (٣).
فَهَذِهِ "الْإِرَادَةُ" هِيَ الْحِرْصُ وَهِيَ الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ، وَقَد وُجِدَ مَعَهَا الْمَقْدُورُ وَهُوَ الْقِتَالُ، لَكِنْ عَجَزَ عَن الْقَتْلِ، وَلَيْسَ هَذَا مِن الْهَمِّ الَّذِي لَا يُكْتَبُ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: لَو أَنَّ لِي مَا لِفُلَانِ لَعَمِلْت مِثْل مَا عَمِلَ، فَإِنَّ تَمَنِّي الْكَبَائِرِ لَيْسَ عُقُوبَتُهُ كَعُقُوبَةِ فَاعِلِهَا بِمُجَرَّدِ التَّكَلُّمِ؛ بَل لَا بُدَّ مِن أَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى كَلَامِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: "إنّ الله تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ" لَا يُنَافِي الْعُقُوبَةَ عَلَى الْإِرَادَةِ الْجَازِمَةِ الَّتِي لَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا الْفِعْلُ. فَإِنَّ "الْإِرَادَةَ الْجَازِمَةَ" هِيَ الَّتِي يَقْتَرِنُ بِهَا الْمَقْدُورُ مِن الْفِعْلِ. وَإِلَّا فَمَتَى لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا الْمَقْدُورُ مِن الْفِعْلِ لَمْ تكنْ جَازِمَةً.
(١) أي: من همّ بفعل ولم يفعله مع القدرة، فهو ليس بعازم ولا حريصٍ على الفعل، ولو كان عازمًا لفعل ما يهمّ به، إذا هو قادر على ذلك.
(٢) رواه البخاري (٣١)، ومسلم (٢٨٨٨).
(٣) وهذا اللفظ لمسلم.