Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
وَابْنِ الْحَاجِبِ -: إنَّ الْأُمَّةَ إذَا اخْتَلَفَتْ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ جَازَ لِمَن بَعْدَهُم إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَحْكَامِ عَلَى قَوْلَيْنِ.
فَجَوَّزُوا أَنْ تَكُونَ الْأُمَّةُ مُجْتَمِعَةً عَلَى الضَّلَالِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، وَأَنْ يَكُونَ اللهُ أَنْزَلَ الْآيَةَ وَأَرَادَ بِهَا مَعْنًى لَمْ يَفْهَمْهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ؛ وَلَكِنْ قَالُوا: إنَّ اللهَ أَرَادَ مَعْنًى آخَرَ.
وَهُم لَو تَصَوَّرُوا هَذِهِ "الْمَقَالَةَ" لَمْ يَقُولُوا هَذَا؛ فَإِنَّ أَصْلَهُم أَنَّ الْأمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَلَا يَقُولُونَ قَوْلَيْنِ كِلَاهُمَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ قَوْلٌ ثَالِثٌ لَمْ يَقُولُوهُ؛ لَكِنْ قَد اعْتَادُوا أَنْ يَتَأَوَّلُوا مَا خَالَفَهُمْ، وَالتَّأْوِيلُ عِنْدَهُم مَقْصُودُهُ بَيَانُ احْتِمَالٍ فِي لَفْظِ الْآيَةِ بِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِذَلِكَ اللَّفْظِ، وَلَمْ يَسْتَشْعِرُوا أَنَّ الْمُتَأَوّلَ هُوَ مُبَيِّن لِمُرَادِ الْآيَةِ مُخْبِرٌ عَن اللهِ تَعَالَى أَنَّهُ أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى إذَا حَمَلَهَا عَلَى مَعْنًى (١).
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ كَثِيرًا مِن الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يَصِيرُوا يَعْتَمِدُونَ فِي دِينِهِمْ لَا عَلَى الْقُرْآنِ وَلَا عَلَى الْإِيمَانِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - بِخِلَافِ السَّلَفِ؛ فَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ أَكْمَلَ عِلْمًا وَإِيمَانًا، وَخَطَؤُهُم أَخَفَّ، وَصَوَابُهُم أَكْثَرَ.
وَكَانَ الْأَصْلُ الَّذِي أَسَّسُوهُ هُوَ مَا أَمَرَهُم اللهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١)} الحجرات: ١، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْمَلَائِكَةَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧)} الأنبياء: ٢٧.
فَوَصَفَهُم سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُم لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَأنَّهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ فَلَا يُخْبِرُونَ عَن شَيْءٍ مِن صِفَاتِهِ وَلَا غَيْرِ صِفَاتِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُخْبِرَ سُبْحَانَهُ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ؛ فَيَكُونُ خَبَرُهُم وَقَوْلُهُم تبَعًا لِخَبَرِهِ. ١٣/ ٥٨ - ٦١
(١) وهذا خطير جدًّا، وهو جرأةٌ على الله تعالى، إلا إذا دلّ الدليل الصحيح على التأويل.