Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
وَقَد أُوذِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنْوَاع مِن الْأَذَى فَكَانَ يَصْبِرُ عَلَيْهَا صَبْرًا اخْتِيَارِيًّا، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُؤْذَى لِئَلَّا يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ بِاخْتِيَارِهِ.
وَكَانَ هَذَا أَعْظَمَ مِن صَبْرِ يُوسُفَ؛ لِأَنَّ يُوسُفَ إنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ الْفَاحِشَةُ، وَإِنَّمَا عُوقِبَ إذَا لَمْ يَفْعَلْ بِالْحَبْسِ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ طُلِبَ مِنْهُم الْكُفْرُ، وَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوا طُلِبَتْ عُقُوبَتُهُم بِالْقَتْلِ فَمَا دُونَهُ، وَأَهْوَنُ مَا عُوقِبَ بِهِ الْحَبْسُ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ حَبَسُوهُ وَبَنِي هَاشِمٍ بِالشِّعْبِ مُدَّةً، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِب اشْتَدُّوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَايَعَتِ الْأَنْصَارُ وَعَرَفُوا بِذَلِكَ صَارُوا يَقْصِدُونَ مَنْعَهُ مِن الْخُرُوجِ، وَيَحْبِسُونَهُ هوَ وَأَصْحَابُهُ عَن ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُن أَحَدٌ يُهَاجِرُ إلَّا سِرًّا إلَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَنَحْوُهُ، فَكَانُوا قَد أَلْجَئُوهُم إلَى الْخُرُوجِ مِن دِيَارِهِمْ، وَمَعَ هَذَا مَنَعُوا مَن مَنَعُوهُ مِنْهُم عَن ذَلِكَ وَحَبَسُوهُ.
فَكَانَ مَا حَصَلَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِن الْأَذَى وَالْمَصَائِبِ هُوَ بِاخْتِيَارِهِمْ طَاعَةً للّهِ وَرَسُولِهِ، لَمْ يَكُن مِن الْمَصَائِبِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي تَجْرِي بِدُونِ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ مِن جِنْسِ حَبْسِ يُوسُفَ، لَا مِن جِنْسِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ، وَهَذَا أَشْرَفُ النَّوْعَيْنِ وَأَهْلُهَا أَعْظَمُ دَرَجَةً -وَإِن كَانَ صَاحِبُ الْمَصَائِبِ يُثَابُ عَلَى صَبْرِهِ وَرِضَاهُ وَتُكَفَّرُ عَنْه الذُّنُوبُ بِمَصَائِبِهِ- فَإِنَّ هَذَا أُصِيبَ وَأُوذِيَ بِاخْتِيَارِهِ طَاعَةً للهِ يُثَابُ عَلَى نَفْسِ الْمَصَائِبِ وَيُكْتَبُ لَهُ بِهَا عَمَلٌ صَالِحٌ.
بِخِلَافِ الْمَصَائِبِ الَّتِي تَجْرِي بِلَا اخْتِيَارِ الْعَبْدِ؛ كَالْمَرَضِ وَمَوْتِ الْعَزِيزِ عَلَيْهِ وَأَخْذِ اللُّصُوصِ مَالَهُ، فَإنَّ تِلْكَ إنَّمَا يُثَابُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهَا، لَا عَلَى نَفْسِ مَا يَحْدُثُ مِن الْمُصِيبَةِ.
لَكِنَّ الْمُصِيبَةَ يُكَفَّرُ بِهَا خَطَايَاهُ، فَإِنَّ الثوَابَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْأَعْمَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَمَا يَتَوَلَّدُ عَنْهَا. ١٠/ ١٢١ - ١٢٤
١٠٢٩ - فِي "الصحِيحَيْنِ" (١) عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "إيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإنَّ
(١) لم أجده في الصحيحين، وإنما رواه أحمد (٦٤٨٧)، وأبو داود (١٦٩٨).