أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم بن السمرقندي ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ الْوَاسِطِيِّ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، قَالَ : جَاءَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، وَالأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالا : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ، إِنَّ عِنْدَنَا أَرْضًا سَبِخَةً لَيْسَ فِيهَا نَخْلا وَلا مَنْفَعَةً ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُقْطِعَنَاهَا لَعَلَّنَا نَحْرُثُهَا وَنَزْرَعُهَا ، فَلَعَلَّ اللَّهَ يَنْفَعُ بِهَا بَعْدَ الْيَوْمِ ، قَالَ : فَأَقْطَعَهُمْ إِيَّاهَا وَكَتَبَ لَهُمَا كِتَابًا وَأَشْهَدَ ، وَعُمَرُ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ ، فَانْطَلَقَا إِلَى عُمَرَ لِيُشْهِدَاهُ فَوَجَدَاهُ يُصْلِحُ بَعِيرًا لَهُ ، فَقَالا : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَشْهَدَكَ عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ ، أَفَنَقْرَأُ عَلَيْكَ أَوْ تَقْرَأُ ، قَالَ : أَنَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَرَيَانِي ، فَإِنْ شِئْتُمَا فَاقْرَءَا ، وَإِنْ شِئْتُمَا فَانْتَظِرَا حَتَّى أَفْرُغَ ، فَأَقْرَأُ ، قَالا : بَلْ نَقْرَأهُ ، فَلَمَّا سَمِعَ مَا فِي الْكِتَابِ تَنَاوَلَهُ مِنْ أَيْدِيهِمَا ، ثُمَّ تَفَلَ فِيهِ ، فَمَحَاهُ فَتَذَمَّرَاهُ ، وَقَالا مَقَالَةَ شَتْمٍ ، فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَأَلَّفُكُمَا وَالإِسْلامُ يَوْمَئِذٍ ذَلِيلٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلامَ ، فَاذْهَبَا فَاجْهَدَا جَهْدَكُمَا ، لا أَرْعَى اللَّهُ عَلَيْكُمَا إِنْ أَرْعَيْتُمَا ، قَالَ : فَأَقْبَلا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُمَا يَتَذَمَّرَانِ ، فَقَالا : وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنْتَ الْخَلِيفَةُ أَمْ عُمَرُ ؟ فَقَالَ : بَلْ هُوَ لَوْ كَانَ شَيْئًا ، قَالَ : فَجَاءَ عُمَرُ مُغْضَبًا حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ : أَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَقْطَعْتَهَا هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ، أَرْضٌ لَكَ خَاصَةً أَمْ هِيَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً ؟ قَالَ : فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَخُصَّ هَذَيْنِ بِهَا دُونَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَ : اسْتَشَرْتُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ حَوْلِي فَأَشَارُوا عَلَيَّ بِذَلِكَ ، قَالَ : فَإِذَا اسْتَشَرْتَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ حَوْلَكَ أَكُلُّ الْمُسْلِمِينَ أَوْسَعْتَ مَشُورَةً وَرِضًى ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ كُنْتُ قُلْتُ لَكَ : إِنَّكَ أَقْوَى عَلَى هَذَا الأَمْرِ مِنِّي وَلَكِنَّكَ غَلَبْتَنِي .