فقال: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الأنعام: 119 الآية، فاستدللنا بهذا (1) على أن المرادَ بقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الأنعام: 121 ما ذُبح باسمِ النُّصُبِ، والدليل على ذلك أيضًا وصفُه له بكونه فِسْقًا، والفِسْقُ ما أُهِلَّ بهِ لغيرِ الله؛ بدليل قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} الأنعام: 144، 145، ولم يقل: أو فسقًا لم يُسَمَّ اللهُ عليه.
فإن قلت: فإنا نجدُ في القرآنِ والسنةِ ظواهرَ تدلُّ على طلبِ التسمية؛ كقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} المائدة: 4، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ المُعَلَّمَ، وذَكَرْتَ اسمَ الله عليهِ، فَكُلْ" (2)، وغير ذلك من الآثار.
قلت: هذه الظواهرُ محمولة عندنا على الاستِحباب، والخِطابُ جرى على غالب الوجودِ من أحوالِهم، بدليلِ ما قدمتهُ.
فإن قلتَ: فهل تجدُ في السنةِ دليلًا على ما قلتَ من صرفِ هذهِ الظواهرِ إلى ما أُريد بها؟
قلت: نعم، روى البخاريُّ عن هشامِ بنِ عُروةَ عن أبيه (3) عن عائشةَ -رضي الله تعالى عنها-: أن قومًا قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن قومًا يأتونا باللَّحم لا ندري أَذَكَروا اسمَ اللهِ عليهِ، أم لا؟ فقال: "سَمُّوا عليهِ أنتم وكلوه" (4)،