وهذا ضعيفٌ جِدًّا، وضَعْفُهُ أشهرُ من أن يُظْهَرَ.
* ثم اختلفَ الجمهورُ.
فمنهم مَنْ قال: الآيةُ منسوخَةٌ (1) بقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} الطلاق: 2 وبقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} البقرة: 282، وروى هذا عَطِيَّةُ عنِ ابنِ عَبّاسٍ -رضي الله تعالى عنهما-.
وهذا أضعفُ من الأولِ؛ فإن النسخَ لا يَصِحُّ إلا بتوقيفٍ، وعلمٍ بالمتأخِّر منهما، وليس قولُ هذا (2) القائل: هي منسوخة بِما ذُكِرَ بأولى من قولِ غيرهِ: هي ناسخةٌ لما ذُكِرَ، كيفَ والتعارُضُ بينَهما معدومٌ؛ فإنه يحتملُ أن تكونَ هذه الآيةُ مقيِّدَةً لإطلاقِ غيرِها ببعضِ الأحوال؛ كما قاله الآخرون، وهم قومٌ من السلف، قالوا: الآيةُ مُحْكَمَةٌ، ويجوزُ قبولُ شهادةِ الكِتابيِّ عندَ فَقْدِ المُسْلِمِ في السَّفَرِ خاصَّةً، وبه قالَ أبو حنيفة (3)، وأحمدُ (4) -رحمهما الله تعالى-.
وهذا أيضاً ضعيفٌ؛ لأنهم لا يوجبونَ اليمينَ على الشاهدِ الكِتابيِّ عند الارتيابِ كما وردَ في ظاهرِ الآية والحديث.