قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ الْعَبَّاسِ اللِّهْبِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : " كَانَ هَاشِمٌ رَجُلا شَرِيفًا ، وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ الْحِلْفَ لِقُرَيْشٍ مِنْ قَيْصَرَ لأَنْ تَخْتَلِفَ آمِنَةً وَأَمَّا مَنْ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَلَّفَهُمْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ قُرَيْشٌ بَضَائِعَهُمْ وَلا كِرَاءَ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقِ ، فَكَتَبَ لَهُ قَيْصَرُ كِتَابًا ، وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ أَنْ يُدْخِلَ قُرَيْشًا أَرْضَهُ وَكَانُوا تُجَّارًا ، فَخَرَجَ هَاشِمٌ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ فِيهَا تِجَارَاتٌ ، وَكَانَ طَرِيقُهُمْ عَلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلُوا بِسُوقِ النَّبَطِ فَصَادَفُوا سُوقًا تَقُومُ بِهَا فِي السَّنَةِ يَحْشُدُونَ لَهَا ، فَبَاعُوا وَاشْتَرَوْا وَنَظَرُوا إِلَى امْرَأَةٍ عَلَى مَوْضِعِ مُشْرِفٍ مِنَ السُّوقِ فَرَأَى امْرَأَةً تَأْمُرُ بِمَا يُشْتَرَى وَيُبَاعُ لَهَا ، فَرَأَى امْرَأَةً حَازِمَةً جَلْدَةً مَعَ جَمَالٍ ، فَسَأَلَ هَاشِمٌ عَنْهَا : أَأَيِّمٌ هِيَ أَمْ ذَاتُ زَوْجٍ ؟ فَقِيلَ لَهُ : أَيِّمٌ كَانَتْ تَحْتَ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلاحِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَمْرًا وَمَعْبَدًا ثُمَّ فَارَقَهَا ، وَكَانَتْ لا تَنْكِحُ الرِّجَالَ لِشَرَفِهَا فِي قَوْمِهَا حَتَّى يَشْتَرِطُوا لَهَا أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا ، فَإِذَا كَرِهَتْ رَجُلا فَارَقَتْهُ وَهِيَ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ، فَخَطَبَهَا هَاشِمٌ ، فَعَرَفَتْ شَرَفَهُ وَنَسَبَهُ فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا وَدَخَلَ بِهَا ، وَصَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا مَنْ هُنَاكَ مِنْ أَصْحَابِ الْعِيرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ ، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَمَخْزُومٍ وَسَهْمٍ ، وَدَعَا مِنَ الْخَزْرَجِ رِجَالًا ، وَأَقَامَ بِأَصْحَابِهِ أَيَّامًا ، وَعَلِقَتْ سَلْمَى بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَوَلَدَتْهُ ، وَفِي رَأْسِهِ شَيْبَةٌ ، فَسُمِّيَ شَيْبَةَ ، وَخَرَجَ هَاشِمٌ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى الشَّأمِ حَتَّى بَلَغَ غَزَّةَ فَاشْتَكَى ، فَأَقَامُوا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَدَفَنُوهُ بِغَزَّةَ ، وَرَجَعُوا بِتَرِكَتِهِ إِلَى وَلَدِهِ ، وَيُقَالُ : إِنَّ الَّذِيَ رَجَعَ بِتَرِكَتِهِ إِلَى وَلَدِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ عَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً " .