من الأنصار وهو صائم إلى أهله، فقال: عشوني، فقالوا: حتى نسخن لك طعاماً، فوضع رأسه فنام، فجاؤوا بالطعام، فقال: قد كنت نمت، فبات يتقلب ظهراً لبطن، فلما أصبح أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبره، فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله! إني أردت أهلي الليلة، فقالت: إنها قد نامت، فظننتها تعتل، فواقعتها، فأخبرتني أنها قد نامت، فأنزل الله تعالى في عمر بن الخطاب: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ، وأنزل الله في الأنصاري: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ، هذا قول جماعة من المفسرين. واختلفوا في اسم هذا الأنصاري على أربعة أقوال «1» :
أحدها: قيس بن صرمة، قاله البراء. والثاني: صرمة بن أنس، قاله القاسم بن محمد. وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: صرمة بن مالك. والثالث: ضمرة بن أنس. والرابع: أبو قيس بن عمر.
وذكر القولين أبو بكر الخطيب. فأما «الرفث» فقال ابن عمر وابن عباس ومجاهد وعطاء والحسن وابن جبير في آخرين: هو الجماع.
قوله تعالى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ، فيه قولان: أحدهما: أن اللباس السّكن. ومثله جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً، أي سكناً. وهذا قول ابن عباس وابن جبير ومجاهد وقتادة. والثاني: أنهن بمنزلة اللباس لإفضاء كل واحد ببشرته إلى بشرة صاحبه، فكنى عن اجتماعهما متجردين باللباس. قال الزجاج: والعرب تسمي المرأة: لباساً وإزاراً، قال النابغة الجعدي:
إذا ما الضجيع ثنى جيدها
... تثنت فكانت عليه لباساً
وقال غيره:
ألا أبلغ أبا حفص رسولا
... فدىً لك من أخي ثقة إِزاري
يريد بالإزار: امرأته.
قوله تعالى: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ، قال ابن قتيبة: يريد: تخونونها بارتكاب ما حُرِّمَ عليكم. قال ابن عباس: وعنى بذلك فعل عمر، فإنه أتى أهله، فلما اغتسل أخذ يلوم نفسه ويبكي. فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ، أصل المباشرة: إلصاق البشرة بالبشرة. وقال ابن عباس: المراد بالمباشرة هاهنا الجماع. وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فيه أربعة أقوال «2» : أحدها: أنه الولد، قاله ابن