الْبَابُ الرَّابعُ في الفَسَادِ مِنْ جِهَة تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِقال الغزالي: وَمَهْمَا بَاعَ الرَّجُلُ مِلْكَ نَفْسِهِ وَمِلْكَ غَيْرِهِ فَفِي صِحَّةِ بَيْعِهِ في مِلْكِهِ قَوْلاَنِ، وَلَوْ كَانَ مَا بَطُلَ البَيْعُ فِيهِ حُرّاً أَو خَمْراً أَوْ خِنْزِيراً أَوْ مَا لاَ قِيمَةَ لَهُ فَقَوْلاَنِ مُرَتَّبَانِ وَأَوْليَ باِلبُطْلاَنِ، وَللْبُطْلاَنِ عِلَّتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ الصِّيْغَةَ مُتَّحِدَةٌ فإذَا فَسَدَتْ فِي بَعْضِ المُقْتَضَيَاتِ لَمْ تَقْبَلِ التَّجَزِّيَ وَالأُخْرَي أَنَّ الثَّمَنِ فِيمَا يَصِحُّ يَصِيرُ مَجْهُولاً، وَعَلَى هَذِهِ العِلَّةِ لاَ يَمْتَنِعُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ في الرَّهْنِ وَالهِبةَ إِذْ لاَ عِوَضَ فِيهِمَا، وَلاَ في النِّكَاحِ فَإنَّهُ لا يَفْسَدُ بالجَهْلِ بالعِوَضِ.
قال الرافعي: هذا باب التفريع، كثير التَّرَدُّد في قواعد الفقه ولطول تفاريعه لم ير المُزَنِيّ إيداع مسائله في "المختصر"، وبيض ورقة أو ورقتين ليلخصها، أو يقتصر على ذكر أوضح القولين فيها، ثم لم يتفق له ذلك فبقي في النسخ القديمة بعض البَيَاض.
وللقفال وأصحابه تقسيم حَاضر لمسائل الباب في نهاية الحسن، إلاَّ أن إيراد الكتاب لا ينطبق عليه كل الانطباق، والتقسيم المناسب له أن يقال: إذ أجمع بين شَيْئين في صفقة واحدة لم يخل إما أن يجمع بينهما في عقد واحد، أو في عَقْدَيْن مختلفي الحكم.
القسم الأول: أن يجمع بينهما في عقد واحد، فله حالتان:
إحداهما: أن يقع التفريق في الابتداء.
والأخرى: أن تقع في الانتهاء.
فأما في الحالة الأولى: فينظر، إن جمع بين شيئين يمتنع الجمع بينهما من حيث هو جمع فلا يخفى بطلان العقد في الكل كما لو جمع بين أختين في النِّكاح، أو بين