ولو قال أحدهما لصاحبه: اختر أو خيرتك، فقال الآخر: اخترت انقطع خيارهما جميعاً، وإن سكت لم ينقطع خِياره وينقطع خيار الْقَائِل في أَصَحِّ الوَجْهَيْن؛ لأن قوله: اختر رضا منه باللُّزوم، وقد روي في بعض الروايات أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ" (1).
ولو قال أحدهما: اخترت، وقال الآخر: فسخت، قدم الفسخ على الإجازة.
ولو تقابضا في المجلس، وتبايعا العوضين بيعاً ثانياً صح البيع الثَّانِي على المشهور، وهو قول ابْنِ سُرَيْجِ؛ لأن البيع الثاني منهما رضاً بلزوم الأول.
وعن صاحب "التقريب": أنه مبني على أن الخيار هل يمنع انتقال الملك؟
إن قلنا: يمنع لم يصح.
ولو تقابضا في عقد الصَّرف، ثم أجازا في المجلس، لزم العقد، وإن أجازاه قبل التقابض فوجهان:
أحدهما: أن الإجازة لاغية؛ لأن القبض متعلق بالمجلس، وهو باق فبقي حكمه في الخِيَار.
والثَّاني: أنه يلزم العقد وعليهما التَّقَابض (2)، فإن تفرَّقا قبل القَبْض انفسخ العقد، ولا يعصيان إن تفرقا عن تَرَاضٍ، فإن انفرد أحدهما بالمُفَارَقة عصى.
وأما التفرق: فهو أن يتفرَّقا بأبدانهما، فلو أقاما في ذلك المجلس مدة طويلة، أو قاما وتماشياً منازل فهما على خيارهما، هذا هو المذهب (3)، ووراءه وجهان: