أجاب القاضي الماوردي وغيره، ولكن الأشهر: أنه لا فرق (1).
ولو ركب الدابة لا للرد بطل حقه، وإن ركبها للرد أو للسقي فوجهان:
أظهرهما: البطلان أيضاً؛ لأنه ضرب انتفاع كما لو وقف على عيب الثوب فلبسه للرد. نعم لو كانت جموحاً يعسر قودها وسوقها فيعذر في الركوب.
والثَّاني وبه قال أبو حنيفة وابن سُرَيْجٍ في "جوابات الجامع الصَّغير": أنه لا يبطل؛ لأنه أسرع للرد، وعلى الأول لو كان قد ركبها للانتفاع فاطَّلع على عيب بها لم يَجُز استدامته وإن توجه للرد، ولو كان لابساً فاطلع على عيب الثَّوْب في الطريق فتوجَّه للرد ولم ينزع فهو معذور؛ لأن نزع الثوب في الطريق غير معتاد، كذا قاله الماوردي.
ولو علف الدابة وسقاها في الطريق لم يضر، وكذا لو حلب لبن البَهِيْمَة في الطريق؛ لأنه مما حدث في ملكه، ولو كان عليها سَرْج أو أَكَاف فتركهما عليها بطل حقه؛ لأنه استعمال وانتفاع (2)، ولولا ذلك لاحتاج إلى حمل أو تَحْمِيل (3)، ويعذر بترك العِذَار أو اللِّجَام لأنهما خفيفان، ولا يعد تعليقهما على الدَّابة انتفاعاً؛ ولأن القَوْد يعسر دونهما. وسئل الشخ أبو حامد عما لو أنعلها في الطَّريق، فقال: إن كانت تمشي بلا نَعْلٍ بطل حقه، وإلا فلا.
ولك أن تعلّم قوله في الكتاب: "ويترك الانتفاع" بالواو، وكذا قوله: "ينزل عن الدابة"، وقوله: "ويضع"؛ لأن القاضي الرُّوياني نقل جواز الانتفاع في الطريق مطلقاً، حتى روي عن أبيه جواز وطء الجارية (4) الثيب.
وقوله: "إلاَّ أن يعسر عليه القود"، راجع إلى قوله من قبل: "إن كان راكباً" وإن تخلل بينهما كلام آخر، -والله أعلم-.