الْخِيَارِ (1) وَقَولُه في "الكِتَاب وفيما بعد المسيس قول مُخرَّج من الردة: أنَّ المسمَّى يتقرَّر ولا يرجع إلى مهر المثل" اكْتفى بالقَوْل المُخرَّج عن ذِكْرِ المنْصُوص؛ لأنَّ فيه إشْعاراً بأنَّ المنْصُوصِ عكسه.
وقولهُ: في الردة قولٌ مخرَّج من ههنا التخريج من هذا الطرف لم يتعرَّض له أكثرهم، وقالوا: الردَّةُ لا تستند إلَى ما تقدَّم بحالٍ، فلا يُؤثِّر فيما سبَقَ وجُوبُهُ، نعم، قَالَ الإمَامُ: رَأَيْتُ (2) في تعليقي عن شَيْخِي، وفي تعليقِهِ عَنْ شَيْخِهِ، ذكر وجه في الردَّة أنَّه يسقط المسمَّى، ويجب مهْرُ المثل، ثم استبعدَهُ، وقال: أخشى (3) ألاَّ يصح فيه نقل.
فرع: حَكَى الحَنَّاطِيُّ فِيمَا إذا اطَّلَعَ أَحَدُ الزَّوجَينِ على عَيْبِ الآخَرِ وَمَاتَ الآخَرُ قَبْل الْفَسْخِ وجهَيْن في أنَّه، هَلْ يَفْسَخ بَعْد الموت، والظَّاهِرُ: أنَّه لا يَفْسَخ، ويتقرَّر المسمَّى بالمَوْتِ، ولو طلَّق زوْجته قَبْل الدخول، ثم أطَّلَعَ على عيْبٍ بها، لم يسقط حَقُّهَا من نصْف المَهْر؛ لأَنَّ الفرقة حَصَلَتْ بالطلاق.
الثالثة: إذا فَسَخ النِّكاح بعَيْبُ الزَّوجة، وغرم المهر، فَهَلْ لَهُ أن يَرْجِعَ بِمَا غَرِمَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَدَلَّسَ عَلَيْهِ.
فيه قولان:
الجديد: المنع، وبه قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- لأنَّهُ شَرَع في النِّكَاح عَلَى أنَّ يتقوَّم عليه البُضْع، فَإذا استوفَى منفعته، تَقَرَّرَ عَلَيْهِ عِوَضُهُ.
والقديم: وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ -رَضِي الله عَنْهُ-: أنّ له الرجُوعَ عليه، لما رُوِيَ عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنه قَالَ: أيُّمَا رَجُل تَزَوَّجَ أمْرَأَةً، وَبهَا جُنُونٌ، أو جُذَامٌ، أو بَرَصٌ، فَمَسَّهَا، فَلَهَا صَدَاقُهَا وذلك لزوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وليِّهَا (4)، ومحلُّ القولَيْن ما إذا كان العَيْبُ موجوداً عند العقْد، أمَّا العيب الحادثُ بعْد العقْد إذا فسخ به، فَلاَ رجُوع بالمَهْر بحالٍ؛ لأنه لا تدْلِيسَ منه، وفي "التَّتِمَّة" أنَّ محلَّهما ما إذَا كان المغْرُومُ مهْرَ