قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذَكرنا أن الإيلاء في الشريعة الحَلِف على الامتناع من الجماع، فالحَلِف على الامتناع عن سائر الاستمتاعات ليس بإيلاء، والألفاظ المستعملة في الجِماع قسمان صريحٌ وكنايةٌ.
فمن الصريح لفْظ النَّيْك، وكذا قوله: لا أُغَيِّب ذَكَري أو حَشَفتي (1) أو لا أُدْخِل أو لا أُولِجُ في فرجِك، ولا أجامِعُك بذَكَري، وللبِكْر: لا أفتضك بذَكَري؛ فيحصل الإيلاء بهذه الألفاظ ولو قال: أردتُّ بها غير الجِمَاع، لم يدين؛ لأنها لا تَحْتَمِل غيْره، ولفظ الجماع والوطء أيْضاً صريحان مستغنيان عن النيَّة لاشتهارهما في ذلك عُرْفًا وشرعاً، ولكن لو قال: أردتُّ بالجماع الاجتماع، وبالوطء الوطء بالقَدَم، دين؛ لاحتماله، بخلاف ما إذا قال: لا أجامعك بذَكَري، فإنَّه لا يُقْبَل في الظاهر، هذا ظَاهِرُ المذهب في لفْظ الجماع والوطء، وفي "التهذيب" وغيره طريقة أخرى في لفْظ الوطء أنَّ في كونه صريحاً الخلاَفَ الَّذِي سنَذْكُره في المباشرة، وما في معناها، ويقال: إن الشيخ أبا محمَّد ذهَب إليها، وفي كتاب القاضي ابن كج أن ابْنِ سُرَيج طرد ذلك الخِلاَف في لفْظ الجماع أيْضاً، فيجوز أن يُعْلَم لذلك قوْلُه: "فيدين فيه الناوي، ولا يقبل ظاهرًا" بالواو؛ لأنا إن جعلناهما كنايتين قبلنا، قوله "لم أنْو" بل إنَّما يحكم بالإيلاء إذا قال "نَوَيْتُ".
ولو قال للبكر: لا أفتضك، ولم يَقُل "بذَكَري" فهو صريح (2) كالجماع؛ لاشتهاره، فلو قال: لم أرد الجماع، لم يُقْبَل في الظاهر، وفي التدين وْجهان:
أظهرهما، وبه قال القاضي أبو حامد: أنه يُدين؛ لاحتمال أن يريد الافتضاض بالإصبع وغيره (3)، وبالثاني قال الشيخ أبو حامد، وذكر الإِمام: أنه لو قال أردتُّ به