قَالَ الغَزَالِيُّ: (وَأَمَّا) قَوْلُنَا: خَالٍ عَنْ شَوَائِبِ العِوَضِ أَرَدْنَا بِهِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ عَلَى أنْ يَرُدَّ دِينَارًا عَتَقَ عَنِ الكَفَّارَةِ* وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنْ كَفَّارَتكَ وَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فَأعْتَقَ لَمْ يَنْصَرِف إِلَى الكَفَّارَةِ وَعَتَقَ* وَهَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الأَلْفَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:
قَالَ الرَّافِعِيُّ: القيد الرابع: كوْنُ الإعتاق خالياً عن شوب العِوَض، فلو أعتق عبْدَهُ عن كفَّارة على أن يَرُدَّ ديناراً عليه (1) ديناراً أو عَشَرةً، لم يجزئه عن الكفَّارة؛ لأنه لم يُجَرِّد النية لها، بل قَصَد العوض مع الكفَّارة، وفي كتاب القاضي ابن كج: أن أبا الحُسَيْن حكى وجْهاً أنه يُجْزِئه؛ لأن العتق حاصلٌ، والعوض ساقِطٌ، فأشبه ما (2) إذا قيل له: صَلِّ الظهر لنَفْسِك، ولك كذا، فصلَّى، تُجْزئُه صلاته (3)، وإن شرط عوضاً عن غير العبد، فإن قال الإنسان: أعتقت هذا العَبْد عن كفَّارتي بألف عليْكَ (4)، فقبل، أو قال له إنسان: أعتقْهُ عن كفَّارتك، وعليَّ كذا، ففَعَل لم يجزئه عن الكفَّارة ولا فَرْق بيْن أن يُقَدِّم في الجواب ذِكْرَ الكَفَّارة؛ بأن يَقُول: أعتقته عن كفارتي على ألْفٍ عليك، وبَيْن أن يُقَدِّم ذِكْر العِوَض؛ بأن يقول أعتقته عَلَى أنَّ لي عليك ألفاً عن كفارتي.
وعن أبي إسحاق وجْهٌ: إذا قدَّم ذكْر الكفَّارة أجْزأه، وسَقَط العِوَض، وقَرَّب هذا الوجه مما قيل إنه لو سمع المُتَيَمِّم قائلاً يقول: عندي ماءٌ أودعنيه فلانٌ، بَطَل تيمُّمه، ولو قال: أوْدَعَني فلانٌ ماءٌ، لا يبطل، والظاهر الأَوَّل، ولا فَرْق بين أن يقول في الجواب أعْتَقتْه عن كفارتي على أن لي عليك كذا، وبين أن يقول: أعتقته عن كفارتي، (5) فإنه مبنيٌّ على الخطاب والالتماس، وهل يستحق العِوَضَ على الملتمس؟ فيه وجهان، يأتي ذكرهما, ولا يختصَّان بما إذا قال: أعْتَقْتُه عن كفَّارتك، بل يجريان