ولنا إلى المسألة عودةٌ في الدعاوى والبينات بعْد عودة.
فرْعٌ: عن أبي إسحاق -رحمه الله-: أنه يجب على الحاكم البَحْث عن إحصان المقذوف؛ ليقيم الحدَّ على القاذف، كما يجب البحث عن عدالة الشهود؛ ليحكم بشهادَتِهم، وقال غيره: لا يجب، وهو الذي رجَّحوه، وفرقوا بوجهين:
أحدهما: أن البحْث عن الإحصان يؤدي إلى هَتْكِ الستر وإظهار الزنا المأمور بسَتْره، والبحْثُ عن العدالة بخلافه.
وأقواهما: أن القاذف عَصَى بالقذف، فغُلِّظَ الأمرُ عليه؛ بإقامة الحد بظاهر الإحصان، والمشهود عليه لم يصدر منه ما يقتضي التغْليظ عليه.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ مَاتَ المَقْذُوفُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الحَدِّ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ لَكِنْ يَخْتَصُّ بِالعَصَبَاتِ عَلَى وَجُهٍ* وبِالعَصَبَةِ الَّتِي تُزَوَّجُ دُونَ الابْنِ عَلَى وَجْهٍ* وَيَعُمُّ كل قَرِيبٍ بِالنَّسَبِ عَلَى وَجْهٍ* وَيُوَزَّعُ عَلَى فَرَائِضِ الله تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ* فَإِنْ عَفَا وَاحِدٌ سَقَطَ الجَمِيعُ عَلَى وَجْهٍ*وَبَقِيَ الجَمِيعُ عَلَى وَجْهٍ* وَسَقَطَ حِصَّتُهُ عَلَى وَجْهٍ* وَوَلِيُّ المَجْنُونِ المَقْذُوفِ قَبْلَ الجُنُونِ لاَ يَسْتَوفِي حَدَّهُ إِلَى أَنْ يَمُوتَ* وَسَيِّدُ العَبْدِ لاَ يَسْتَوْفِي التَّعْزِيرَ الوَاجِبَ لِلعَبْدِ في حَيَاتِهِ* وَيَسْتَوفِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ* وَيَسْتَحِقُّ العَبْدُ عَلَى السَّيِّدِ التَّعْزِيرَ إِنْ قَذَفَهُ عَلَى الأَصَحِّ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: أصل مسائل الفصْل: أن حدَّ القذْف حقُّ الآدميِّ أو المغلَّب فيه حقُّه، حتى يورث عنه، ويسقط بعفوه، وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: هو حق الله تعالى، فلا يورث، ولا يسقط بالعفو، واحتج الأصحاب بأنه حق يتوقَّف استيفاؤه على مطالبة الآدميِّ به، (1) فكان حقاً له، كسائر حقوقه فيه، وأيضاً، فقد سلَّم أبو حنيفة؛ أنه لو قذف ميتاً، ثبت لورثته الحدُّ، وإنما