قال الغَزَالِيُّ: وَإِنْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ عَلَى الغَرَقِ فَقَالَ الخَائِفُ عَلَى نَفسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ: أَلْقِ مَتَاعَكَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ لَزِمَهُ لِحَاجَةِ الفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَلْقِيُّ المَتَاعِ أَيْضاً مُحْتَاجاً لَزِمَهُ أَيْضَاً، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِقَدْرِ حِصَّةِ المَالِكِ، وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةٌ سَقَطَ العُشرُ، وَلَوْ كَانَ المُحْتاجُ هُوَ المَالِكَ فَقَطْ فَأَلْقَى بِضَمَانِ غَيْرِهِ لَمْ يحِلَّ لَهُ الأَخْذُ، وَلَوْ قَالَ المُلْتَمِسُ: أَلْقِ وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ ضَامِنُون ثُمَّ قَالَ: أَرَدَتُّ التَّوْزِيعَ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينهِ وَلَزِمَهُ حِصَّتُهُ، والرَّاكِبُونَ إنْ رَضُوا بِهِ لَزِمَهُمْ وإلاَّ فَلاَ.
قال الرَّافِعِيُّ: صُوَرَ الفصل تورَدُ في هذا الموضِعِ؛ لتعلُّقها بحال السفينة التي جَرَى الكلامُ في اصْطدامِها، وإلاَّ فلا اختصاص لها بالباب.
والمقصودُ أنَّ السفينة، إذَا أشرفَتْ على الغرقِ، فيجوز إلقاءُ بعْض أمتعتها في البَحْر، وقد يجب؛ رجاءَ نجاةِ الراكبينَ، إذا خَفَّتْ (1)، ويجب إلقاء مَا لاَ رُوحَ فيه؛ لتخليص (2) ذي الروح، ولا يجوز إلقاء الدوابِّ، إذا أمكن دفع الغَرَق بغَيْر الحيوانِ، وإذا مسَّت الحاجة إلى إلقاء الدوابِّ، ألقيتْ؛ لإبقاء الآدميين، والعَبيدُ كالأحرار، وإذا قصر من لزمه الإلقاءُ، فلم يُلْقِ حتَّى غرقَتِ السفينةُ، فعليه الإثم، ولا ضَمَان؛ كما لو لم يُطْعِمْ صاحبُ الطعايم المضْطَرَّ؛ حتى هلك، يعصي، ولا يجوز إلقاءُ المالِ في البَحْر من غير خوف؛ لأنه إضاعة للمال.
إذا تقرَّر ذلك، فلو ألقى متاعَ نفسِهِ، أو متاع غيره، بإذنه؛ رجاءَ السلامة، فلا ضمان على أحد.
ولو أَلقى متاعَ غيره بغَيْر إذنه، وجب الضمانُ؛ لأنه أتلف مال غيره بغَيْر إذْنه من