شَرَدَتْ شَاةٌ كالصَّيْدِ يحلُّ بالرَّمْي إلى غيرِ المَذْبَحِ منه، وبِإرْسَالِ الكَلْبِ عليه؛ خلافاً لمالكِ؛ حيث قاله: لا يَحِلُّ إِلاَّ بَقطعِ الحُلْقُومِ.
واحتج أَصْحَابُنَا بما رُوِيَ أَنَّ بَعِيراً نَدَّ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فحبسَه، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ لِهَذِهِ البَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأوَابِدِ الوَحْشَ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا" (1).
والأَوَابِدُ: الوحشيات.
ولما رُوِيَ عن أبي العشراء الدَّارِميِّ عن أبيه؛ أنَّهُ قال: يا رسولَ اللهِ: أما تكون الذَّكَاةُ إلا في الحَلْقِ واللَّبَّةِ؟ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّكَ (2) لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذَهَا لَأَجْزَأَكَ" (3).
وأَرَادَ في غير المَقْدُورِ عليه، ويروى أَنَّهُ سئل عن بعير نَادٍّ، ويروى أنه تَرَدَّى له بَعِيرٌ في بِئْرٍ، فقالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ طَعَنْتَ فِي خَاصِرَتِهِ لَحَلَّ لَكَ" (4).
وعن جابر -رضي الله عنه- أَنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "كُلُّ إنْسِيَّةٍ تَوَحَشَتْ، فَذَكَاتُهَا ذَكَاةُ الوَحْشِيَّةِ" (5). ولو تَرَدَّى بعيرٌ في بِئْرٍ، ولم يمكن قَطْعُ حُلْقُومِهِ، فهو كالبعيرِ النَّادِّ في جَوَارِحِهِ، وفي إِرْسَالِ الكَلْبِ عليه وجهان:
أحدهما: الجَوَاز، كما في الصَّيْدِ، والبعير النَّادِّ (6)، وهذا ما اخْتَارَهُ البَصْرِيُّونَ (7).