لذلك، وعن الشيخ أبي محمد: أنه لا ينبغي أن يسوى بينهما، فإن الخُيَلاَء في قليل الذهب كالخيلاء في كثير الفضة، وأقرب معتبر فيه، أن ينظر إلى قيمة ضبة الذهب إذا قومت بالفضة، وهذا الكلام يقرب مأخذه مما حكيناه عن الشيخ أبي إسحاق، وقياس الباب أن لا فرق (1).
الرابعة: ما معنى الحاجة التي أطلقناها في المسألة (2)، والجواب يعني- بها الأغراض المتعلقة بالتضبيب سوى التَّزيُّن، كإصلاح موضع الكسر، وكالشد، والتوثيق، فإذا كان على قدر ما يستدعيه الكسر، فهد بقدر الحاجة.
وقوله: في الأصل "على قدر حاجة الكسر" إشارة إلى هذا، ولا يعتبر العجز عن التضبيب بغير الذهب والفضة، فإن الاضطرار يبيح استعمال أصل الإناء من الذهب والفضة.
الخامسة: قدر الضبة المجوّزة، لو اتخذ منه إناء صغير، كالمِكْحَلة وَطَرْفِ الغَالِية، هل يجوز؟ حكى فيه وجهان للشيخ أبي محمد:
أحدهما: نعم؛ كما لو ضبب به غيره.
وأظهرهما: لا، لأنه الآن يقع علين اسم الآنية، فيندرج تحته النهي، وخصوا هذا التردد بالفضة، وقياس ما سبق التسوية بين الذهب والفضة. وذكر في "التهذيب" أنه لو اتخذ للإناء حَلَقَةٌ من فضة، أو سِلسِلَةٌ، أو رأساً يجوز؛ لأنه منفصل عن الإناء لا يستعمله، ولك أن تقول: لا نسلم أنه لا يستعمله؛ بل هو مستعمل بحسبه تبعًا للإناء (3) هب أنه لا يستعمله؛ لكن في اتخاذ الأواني من غير استعمال خلاف سبق، فليكن هذا على ذلك الخلاف أيضاً، ويجوز أن يوجه التجويز بالمضبب، أو تجعل هذه الأشياء كالظروف الصغيرة، كما سبق والله أعلم.