وكان الأنصار يقولون: {راعنا} أي أرعنا سمعنا وَانْظُرْ إِلَيْنَا وَالْكُفَّارُ يَقُولُونَهَا فَاعِلٌ مِنَ الرُّعُونَةِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هِيَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَلَمَّا عُوتِبُوا قَالُوا: إِنَّمَا نَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُسْلِمُونَ فَنُهِيَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهَا.
وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وهو الولي الحميد} فقوله: الولي هو من أسماء الله وَمَعْنَاهُ الْوَلِيُّ لِعِبَادِهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَقَوْلُهُ: الْحَمِيدُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَامِدٍ لِعِبَادِهِ الْمُطِيعِينَ أَوْ مَحْمُودٍ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَطَرِ وَهُوَ مَطَرُ الرَّبِيعِ وَالْحَمِيدُ بِمَعْنَى الْمَحْمُودِ وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْثِ.
وَقَوْلُهُ: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فأنساه الشيطان ذكر ربه} ، فَإِنَّ لَفْظَةَ رَبِّكَ رَشَّحَتْ لَفْظَةَ رَبِّهِ لِأَنْ يكون تَوْرِيَةً إِذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْإِلَهَ سُبْحَانَهُ وَالْمَلِكَ فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: {فَأَنْسَاهُ الشيطان ذكر ربه} ولم تَدُلَّ لَفْظَةُ رَبِّهِ إِلَّا عَلَى الْإِلَهِ فَلَمَّا تقدمت لفظة ربك احتمل المعنيين.
تنبيه:.
في الفرق بين التورية والاستخدام .
كثيرا ما تلتبس التورية بالاستخدام والفراق بينهما أن التورية استعمال الْمَعْنَيَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَإِهْمَالُ الْآخَرِ وَفِي الِاسْتِخْدَامِ اسْتِعْمَالُهُمَا مَعًا بِقَرِينَتَيْنِ.