قَدْ
تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي الْمُتَصَرِّفِ وَعَلَى الْمُضَارِعِ بِشَرْطِ تَجَرُّدِهِ عَنِ الْجَازِمِ وَالنَّاصِبِ وَحَرْفِ التَّنْفِيسِ.
وَتَأْتِي لِخَمْسِ مَعَانٍ: التَّوَقُّعِ وَالتَّقْرِيبِ وَالتَّقْلِيلِ وَالتَّكْثِيرِ وَالتَّحْقِيقِ.
فَأَمَّا التَّوَقُّعُ فَهُوَ نَقِيضُ مَا الَّتِي لِلنَّفْيِ وَتَدْخُلُ عَلَى الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ نَحْوُ قَدْ يَخْرُجُ زَيْدٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مُتَوَقَّعٌ أَيْ مُنْتَظَرٌ وَأَمَّا مَعَ الْمَاضِي فَلَا يَتَحَقَّقُ الْوُقُوعُ بِمَعْنَى الِانْتِظَارِ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ وَقَعَ وَذَلِكَ يُنَافِي كَوْنَهُ مُنْتَظَرًا وَلِذَلِكَ اسْتَشْكَلَ بَعْضَهُمْ كَوْنُهَا لِلتَّوَقُّعِ مَعَ الْمَاضِي وَلَكِنَّ مَعْنَى التَّوَقُّعِ فِيهِ أَنَّ "قَدْ" تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَوَقَّعًا مُنْتَظَرًا ثُمَّ صَارَ مَاضِيًا وَلِذَلِكَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُتَرَقَّبَةِ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ: إِنَّ قَوْلَكَ قد قعد كلام لقول يَنْتَظِرُونَ الْخَيْرَ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مُنْتَظِرُونَ
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مَالِكٍ فِي تَسْهِيلِهِ أَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْمُتَوَقَّعِ لِإِفَادَةِ كَوْنِهِ مُتَوَقَّعًا بَلْ لِتَقْرِيبِهِ مِنَ الْحَالِ انْتَهَى.
وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا حِينَئِذٍ تُفِيدُ الْمَعْنَيَيْنِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ الِابْتِدَاءُ بِهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَوَابًا لمتوقع كقوله تعالى: {قد أفلح الْمُؤْمِنُونَ} لِأَنَّ الْقَوْمَ تَوَقَّعُوا عِلْمَ حَالِهِمْ عِنْدَ الله