مَعْنَى الْإِحَاطَةِ وَهُوَ إِنَّمَا مَا يُطْلَبُ جِنْسًا يُحِيطُ بِهِ فَإِنْ أَضَفْتَهُ إِلَى جُمْلَةٍ مُعَرَّفَةٍ نَحْوُ كُلُّ إِخْوَتِكَ ذَاهِبٌ قَبُحَ إِلَّا فِي الِابْتِدَاءِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُبْتَدَأً وَكَانَ خَبَرُهُ مُفْرَدًا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ الْإِضَافَةُ لِلنَّكِرَةِ لِشُيُوعِهَا.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبْتَدَأً وَأَضَفْتَهُ إِلَى جُمْلَةٍ مُعَرَّفَةٍ نَحْوُ ضَرَبْتُ كُلَّ إِخْوَتِكَ وَضَرَبْتُ كُلَّ الْقَوْمِ لَمْ يَكُنْ فِي الْحُسْنِ بِمَنْزِلَةِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّكَ لَمْ تُضِفْهُ إِلَى جِنْسٍ وَلَا مَعَكَ فِي الْكَلَامِ خَبَرٌ مُفْرَدٌ يدل على معنى إضافته إِلَى جِنْسٍ مُعَرَّفٍ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ حَسُنَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} .
لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْجِنْسِ وَلَوْ كَانَتْ لِلْعَهْدِ لَمْ يَحْسُنْ لِمُنَافَاتِهَا مَعْنَى الْإِحَاطَةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِالْكَلَامِ عَلَى أَصْلِهِ فَتُؤَكِّدُ الْكَلَامَ بِـ "كُلٍّ" فَتَقُولُ خُذْ مِنَ الثَّمَرَاتِ كُلِّهَا.
فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِي قَوْلِهِ كُلْ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَكُلْ مِنَ الثَّمَرَاتِ كُلِّهَا فَمَا الْحِكْمَةُ فِي اخْتِصَاصِ أَحَدِ الْجَائِزَيْنِ فِي نَظْمِ الْقُرْآنِ دُونَ الْآخَرِ؟
قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي النَّتَائِجِ: لَهُ حِكْمَةٌ وَهُوَ أَنَّ مِنْ فِي الْآيَةِ لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا لِلتَّبْعِيضِ وَالْمَجْرُورَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ لَا فِي مَوْضِعِ الظَّرْفِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ الثَّمَرَاتِ أَنْفُسَهَا لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْهَا شَيْئًا وَأَدْخَلَ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ كُلِّهِ وَلَوْ قَالَ أَخْرَجْنَا بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ كُلِّهَا لَقِيلَ أَيُّ شَيْءٍ أَخْرَجَ مِنْهَا وَذَهَبَ التَّوَهُّمُ إِلَى أَنَّ الْمَجْرُورَ فِي مَوْضِعِ ظَرْفٍ وَأَنَّ مَفْعُولَ: {أَخْرَجْنَا} فِيمَا بَعْدُ وَهَذَا يُتَوَهَّمُ مَعَ تَقَدُّمِ كُلٍّ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِينَ أَنَّ كُلًّا