وَأَمَّا قَوْلُهُ: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا. وَتَسِيرُ الجبال سيرا} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْجُمْلَةُ الْفَاعِلِيَّةُ تَحْتَمِلُ الْمَجَازَ فِي مفرديها جميعا وفي كل منهما مثاله ها هنا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ إِنَّ الْمَجَازَ فِي: {تَمُورُ} وَأَنَّهَا مَا تَمُورُ بَلْ تَكَادُ أَوْ يُخَيَّلُ إِلَى النَّاظِرِ أَنَّهَا تَمُورُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَجَازَ فِي السماء وأن المور الحقيقي لكنها وَأَهْلِهَا لِشِدَّةِ الْأَمْرِ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي {وَتَسِيرُ الجبال سيرا} فَإِذَا رُفِعَ الْمَجَازُ عَنْ أَحَدِ جُزْأَيِ الْجُمْلَةِ نُفِيَ احْتِمَالُهُ فِي الْآخَرِ فَلَمْ تَحْصُلْ فَائِدَةُ التَّأْكِيدِ وَأُجِيبَ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ أَنَّ {مَوْرًا} فِي تَقْدِيرِ "تَمُورُ" فَكَأَنَّهُ قَالَ: تَمُورُ السَّمَاءُ تَمُورُ السَّمَاءُ وَتَسِيرُ الْجِبَالُ تَسِيرُ الْجِبَالُ فَأَكَّدَ كُلًّا مِنَ الْجُزْأَيْنِ بِنَظِيرِهِ وَزَالَ الْإِشْكَالُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا} فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ {شَيْئًا} مِنْ تَأْكِيدِ الْفِعْلِ بِالْمَصْدَرِ كَقَوْلِهِ: بِعْتُ بَيْعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْرِ وَالتِّبْيَانِ وَالْمَعْنَى: إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي أَمْرًا أَوْ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ وَانْظُرْ كَيْفَ ذُكِرَ مَفْعُولُ الْمَشِيئَةِ وَقَوْلُ الْبَيَانِيَّيْنِ: إِنَّهُ يَجِبُ حَذْفُهُ إِذَا كَانَ عَامًّا وَأَمَّا قوله تعالى: {دكا دكا} فَالْمُرَادُ بِهِ: التَّتَابُعَ أَيْ دَكًّا بَعْدَ دَكٍّ وكذا قوله: {صفا صفا} أَيْ: صَفًّا يَتْلُوهُ صَفٌّ وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاحِدِ لَا يَحْتَمِلُ صَفًّا وَاحِدًا
وَأَمَّا قَوْلُهُ تعالى: {إذا زلزلت الأرض زلزالها} فَإِنَّ إِضَافَةَ الزِّلْزَالِ إِلَيْهَا يُفِيدُ مَعْنَى ذَاتِهَا وَهُوَ: زِلْزَالُهَا الْمُخْتَصُّ بِهَا الْمَعْرُوفُ مِنْهَا الْمُتَوَقَّعُ كَمَا تَقُولُ غَضِبَ زَيْدٌ غَضَبَهُ وَقَاتَلَ زَيْدٌ قِتَالَهُ أَيْ غَضَبَهُ الَّذِي يُعْرَفُ مِنْهُ وَقِتَالَهُ الْمُخْتَصَّ بِهِ كَقَوْلِهِ: