وَعَنِ الْكِسَائِيُّ أَنَّ اللَّامَ لِتَوْكِيدِ الْخَبَرِ وَإِنَّ لتأكيد الاسم وفيه تجوز لأن لتأكيد إِنَّمَا هُوَ لِلنِّسْبَةِ لَا لِلِاسْمِ وَالْخَبَرِ
السَّادِسُ: الْفَصْلُ وَهُوَ مِنْ مُؤَكِّدَاتِ الْجُمْلَةِ وَقَدْ نَصَّ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ التَّأْكِيدَ وَقَالَ: فِي قوله تعالى: {إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا} {أَنَا} وَصْفٌ لِلْيَاءِ فِي {تَرَنِ} يَزِيدُ تَأْكِيدًا وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُضْمَرَ يُؤَكِّدُ الضَّمِيرَ وَأَمَّا تَأْكِيدُ الْمُظْهَرِ بِالْمُضْمَرِ فَلَمْ يُعْهَدْ وَلِهَذَا سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ دُعَامَةً لِأَنَّهُ يُدَعَّمُ بِهِ الْكَلَامُ أَيْ يَقْوَى وَلِهَذَا قَالُوا لَا يُجَاءُ مَعَ التَّوْكِيدِ فَلَا يُقَالُ: زَيْدٌ نَفْسُهُ هُوَ الْفَاضِلُ وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ وَخَالَفَ فِي أَمَالِيهِ فَقَالَ: ضَمِيرُ الْفَصْلِ لَيْسَ تَوْكِيدًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَإِمَّا لَفْظِيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ لَفْظِيًّا لَأَنَّ اللَّفْظِيَّ إِعَادَةُ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ كَزَيْدٍ زَيْدٍ أَوْ معناه كقمت أنا وَالْفَصْلُ لَيْسَ هُوَ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ وَلَا مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَنِّيًا عَنِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ وَلَا مُفَسِّرًا وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعْنَوِيًّا لِأَنَّ أَلْفَاظَهُ مَحْصُورَةٌ كَالنَّفْسِ وَالْعَيْنِ وَهَذَا مِنْهُ نَفْيٌ لِلتَّوْكِيدِ الصِّنَاعِيِّ وَلَبْسٌ لِلْكَلَامِ
وَفِي الْبَسِيطِ لِلْوَاحِدِيِّ عند قوله تعالى: {وأولئك هم المفلحون} قَالَ سِيبَوَيْهِ: دَخَلَ الْفَصْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تجدوه عند الله هو خيرا} وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا} وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ}