{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)}: قوله عز وجل: {فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ} في موضع الصفة لـ {عَامٌ} وهو إما من الغيث، أي: يمطرون، يقال: غاث الله البلاد يَغِيثها غَيْثًا. وغِيْثَتِ الأرضُ تُغاثُ غَيْثًا، إذا أُمْطِرتْ، فهي مَغِيثَةٌ وَمَغْيُوثَةٌ أيضًا، وعن ذي الرمة: قاتَلَ الله أَمَةَ بني فلان ما أفصحها، قلت لها: كيف كان المطر عندكم؟ فقالت: غِثْنا ما شِئْنا (1). أو من الغوث، بمعنى: يُخلَّصُون ويُنْقَذُون من الشدة. وقوله: {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} قرئ: بالياء النقط من تحته حملًا على لفظ الناس لقربه منهم، وبالتاء النقط من فوقه (2) حملًا على الخطاب المتقدم في قوله: {تَزْرَعُونَ} و {تُحْصِنُونَ} و {تَأْكُلُونَ}، وفيه وجهان: أحدهما: من العصر الذي يراد به الضغط الذي يلحق ما فيه دهن أو ماء، كالزيتون والسمسم والعنب ليخرج ذلك منه. أي: يعصرون الأدهان والكرم (3). وقيل: يحلبون الضبروع (4). والثاني: من العَصَر الذي هو الملجأ والمنجاة، أي: ينجون (5).(1) انظر قول ذي الرمة في الصحاح (غيث). والمقاييس 4/ 403. (2) قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: (تعصرون) بالتاء. وقرأ الباقون بالياء. انظر السبعة/ 349/. والحجة 4/ 425. والمبسوط/ 246/. (3) هذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، ومجاهد، وقتادة وغيرهم. أخرجه الطبري 12/ 232 - 233. وهو قول الجمهور كما في المحرر الوجيز 9/ 315. وزاد المسير 4/ 234. (4) روي هذا القول عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أيضًا لكن ضعفه الطبري. (5) هذا قول أبي عبيدة في المجاز 1/ 313. والزجاج في المعاني 3/ 114. لكن خطأه الطبري 12/ 234. قال ابن عطية 9/ 316: بغير حجة.