{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}: قوله عز وجل: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} ابتداء وخبر. وقيل: {الْحَقُّ} خبر مبتدأ محذوف، أي: قل لهم هذا الذي أتيتكم به الحق (1). و {مِنْ رَبِّكُمْ} على هذا يحتمل أن يكون خبرًا بعد خبر. وأن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هو من ربكم. وأن يكون حالًا من المنوي في {الْحَقُّ}، أي: كائنًا منه. والذي أتى به هو القرآن، عن قتادة (2). وقيل: تقريب الفقراء (3). وقوله: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} أي: أحدقت بهم جوانبها. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: هو حائط من نار محيط بهم (4). والسرادق عند أهل اللغة: هو الحجرة التي تكون حول الفسطاط (5). وقوله: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا} أي: وإن يطلبوا الغوث من شدة ما هم فيه من العطش، {يُغَاثُوا} أي: يعطوا الغوث بماء كالمهل، أي: يجعل لهم مكان الغوث ماء كالمهل، وهو ما أذيب من جواهر الأرض من الذهب والفضة والنحاس وغير ذلك، عن أبي عبيدة (6). وقيل: هو دُرْدِيُّ الزَّيْتِ (7).(1) قاله الزجاج 3/ 281. واقتصر عليه الزمخشري 2/ 388. ولم يذكر الطبري 15/ 237 إلا المعنى الأول. (2) أخرجه ابن أبي حاتم. انظر الدر المنثور 5/ 384. (3) انظر المحرر الوجيز 10/ 395. ومفاتيح الغيب 21/ 101. (4) أخرجه الطبري 15/ 239. وانظر النكت والعيون 3/ 303. (5) قاله أبو عبيدة في المجاز 1/ 398. وذكره الزمخشري 2/ 388 دون نسبة. وقال الجوهري (سرق): السرادق واحد السرادقات التي تمد فوق صحن الدار. (6) مجاز القرآن 1/ 400 ولفظه: كل شيء أذبته من نحاس أو رصاص ونحو ذلك. وقوله: جواهر الأرض هو لفظ الزمخشري. وأخرج الطبري 15/ 239 عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قَذَف بسقاية من ذهب وفضة في أخدود فيه نار، وأن أهل الكوفة دخلوا عليه وقالوا: ما رأينا في الدنيا شبيهًا للمهل أدنى من هذا. وانظر معاني الزجاج 3/ 282. (7) هذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في معاني النحاس 4/ 234. والنكت والعيون 3/ 303. وزاد =