{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)}: قوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ}: (توفاهم) فعل مضارع، وأصله: تتوفاهم بتاءين حذفت إحداهما كراهية اجتماع المِثْلين في صدر الكلمة، ويحتمل أن يكون ماضيًا، وذُكِّر على إرادة الجمع كقوله: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ} (1) وتعضد الأول قراءة من قرأ: (إن الذين تّوفاهم) بتشديد التاء، وهو البزي عن ابن كثير (2)، وقراءة من قرأ: (تُوفاهم) بضم التاء، وهو مضارع وَفَّيْتُ، ومعنى هذه: أن الله تعالى يُوَفِّي الملائكة أنفسهم فيتوفَّونها، أي: يمكّنهم من استيفائها فيستوفونها، وهو إبراهيم (3)، وتنصر الثانية قراءة من قرأ: (توفتْهم) بتاء ساكنة مكان الألف (4). وقوله: {ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} (ظالمي) نصب على الحال من الهاء والميم في {تَوَفَّاهُمُ}: أي: ظالمين أنفسهم، ثم حُذِف النون وأضيف، والإِضافة غير محضة، وإنما ظلموا أنفسهم لأنهم تركوا الهجرة، وقيل: أبطنوا الكفر (5). وقوله: {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ}؛ أي: قالت الملائكة للمتوفَّين: في أي شيء كنتم من أمر دينكم حين خرجتم مع المشركين، أفي الكفر كنتم أم في الإسلام؟(1) سورة آل عمران، الآية: 39. (2) انظر هذه الرواية في المبسوط / 152/، والتذكرة 2/ 275، والإتحاف 1/ 519. والبزي هو: الإمام أبو الحسن مقرئ مكة، ومؤذن المسجد الحرام، ولد سنة سبعين ومائة، وتوفي سنة خمسين ومائتين. (3) انظر قراءة إبراهيم في المحتسب 1/ 194، والمحرر الوجيز 4/ 226، والبحر 3/ 334، وهل هو ابن أبي عبلة، أم النخعي؟ لَمْ أجد من نص على ذلك. (4) هكذا هذه القراءة في الكشاف 1/ 292، والبحر 3/ 334 دون نسبة. (5) انظر هذين القولين اللذين في معنى (ظالمي أنفسهم): في مفاتيح الغيب 11/ 11، وزاد المسير 2/ 178 حيث جعلها ابن الجوزي أربعة أقوال. والعبارة من عند قوله: (وإنما ظلموا .. ) إلى هنا ساقطة من (د).