وهذا يقتضي أنه لا يبيع دين السلم، لا من صاحبه ولا من غيره.
والقول، الثاني: أصح، وهو قول ابن عباس، ولا يعرف له في الصحابة مخالف؛ وذلك لأن دين السلم (1) دين ثابت، فجاز الاعتياض عنه، كبدل القرض، وكالثمن في البيع؛ ولأنه أحد العوضين في البيع فجاز الاعتياض عنه كالعوض الآخر.
وأما الحديث: ففي إسناده نظر، فإن صح، فالمراد به: أنه لا يجعل دين السلم سلفًا في شيء آخر، ولهذا قال: "فلا يصرفه إلى غيره"، أي: لا يصرفه إلى سلف آخر، وهذا لا يجوز؛ لأنه يتضمن الربح فيما لم يضمن وكذلك إذا اعتاض عن ثمن المبيع والقرض، فإنما يعتاض عنه بسعره لما في السنن عن ابن عمر: رضي الله عنهما أنهم سألوا النبي صلى الله تعالي عليه وسلم، فقالوا: إنا نبيع الإبل بالبقيع بالذهب، ونقبض الورق، ونبيع بالورق ونقبض الذهب؟ فقال: "لا (2) بأس إذا كان بسعر يومه، إذا افترقتما وليس بينكما شيء" (3) فجوَّز الاعتياض بالسعر؛ لئلا يربح فيما لم يضمن.