Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
واختُلِفَ في قوله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} أنَّ هذا إخبارٌ عنهم قبل أن يقولوا، أو بعد ما قالوا؟ فأكثرُهم على أنَّه لمَّا حُوِّلت القبلةُ إلى الكعبة، قالت اليهودُ ذلك، فأنزل اللَّهُ تعالى هذه الآيةَ، ثمَّ قولُه: {سَيَقُولُ} وإن كان هذا لمحض الاستقبال، ولكن معناه: ستواصِلُ اليهودُ هذا القول، ويَدومون عليه طعنًا (١) فيكم، والقولُ ممَّا يُكَرَّر، فيجوز الإخبارُ عنه بهذه الصيغة؛ فيما وُجِد، وفيما يُوجَدُ مكرَّرًا (٢).
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: ولمَّا حُوِّلَت القبلةُ مِن بيت المقدس إلى الكعبةِ، جاء كعب بنُ الأشرف، ورفاعةُ بنُ قيس، وفروةُ (٣) بن عمرو، ونافعُ بنُ أبي نافع، والحجَّاجُ بنُ عمرو، وكِنانةُ بنُ أبي الحُقَيق وجماعة، وقالوا: يا محمَّدُ، ما ولَّاك عن قبلتِكَ التي كنت عليها، كُنْ على قِبلةِ بيت المقدس، نتَّبعْكَ ونُصدِّقك، وأرادوا (٤) فتنةَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فسمَّاهُم اللَّه سفهاء (٥)؛ لأنَّهم كانوا نوافلَ إبراهيمَ، والكعبةُ بناؤه وقبلتُهُ، ومع ذلك رَغِبوا عنها.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: كان وعدَ اللَّهُ نبيَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلام أنْ يُحَوِّلَهُ إلى الكعبة، فأخبرَه بهذا عمَّا يقولُه اليهودُ إذا حُوِّلت، وكان هذا قبل أنْ تُحَوَّلَ، وقبل أن يَقولوا له شيئًا، ألا ترى إلى قوله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}، ولو لم يكن له وعدٌ بذلك، لكان تقلُّبُ وجهِهِ إلى السَّماء تخيُّرًا منه وتحكُّمًا عليه، وليس لأحدٍ على اللَّه ذلك، فدلَّ على الوعدِ.
(١) في (ر) و (ف): "ظنًّا".
(٢) في (ر) و (ف): "تكرارًا".
(٣) في المصادر: "قردم" بدل: "فروة".
(٤) بعدها في (ر): "به".
(٥) رواه الطبري (٢/ ٦١٩)، وابن أبي حاتم (١/ ٢٤٧ - ٢٤٨) (١٣٢٧). وانظر "سيرة ابن هشام" (١/ ٥٥٠).