Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
كلُّهم كفارًا، وكانت الدنيا في عصره عامرةً، فكانت الأراضي لا تفي بالمزارع، فكانوا ينقلون التراب إلى رؤوس الجبال فيبسطونها ويزرعون فيها، وكان نوحٌ عليه السلام يسكنُ الكوفة، وكان مَن خرج منها إلى مكة مضى في ظلِّ الأشجار وكان يدعو الناس إلى الإيمان طولَ هذه المدة، وكانوا يضربونه حتى كان يُغشَى عليه.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: كان يُضرب فيُلَفُّ في لبدٍ ويُلْقَى في بيته يُرون أنه قد مات، ثم يُفيق فيخرج فيدعوهم، وجاءه رجل يومًا ومعه ابنه وهو يتوكَّأ على عصًا فقال: يا بنيَّ، انظر (١) هذا الشيخ لا يغرَّنك، فقال: يا أبتِ، مكِّنِّي من العصا، قال: فأخذ منه العصا، قال: ضعني بالأرض، فوضعه، فمشى إليه فضربه بالعصا فشجَّه شجةً مُوضحة في رأسه، وسالت الدماء، فقال نوح: يا رب، قد تَرى ما يَفعل بي عبادُك، فإن يكن لك في عبادك حاجةٌ فاهدِهم، وإنْ يكُ غيرَ ذلك فصبِّرني إلى أن تحكُم وأنت خيرُ الحاكمين، فأوحى اللَّه تعالى إليه وآيَسه من إيمان قومه، وأخبره أنه لم يبقَ في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمنٌ، وقال: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} الآية هود: ٣٦، وقال: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} هود: ٣٧، قال: يا رب! وما الفُلك؟ قال: بيتٌ من خشبٍ يجري على وجه الماء، وأُغْرق أهلَ معصيتي، وأطهر أرضي منهم، قال: يا رب! فأين الماء؟ قال: يا نوح، إنِّي على ما أشاء قدير، قال: يا رب! وأين الخشب؟ قال: اغْرِسِ الشجر، قال: فغرس الساجَ عشرين سنة، وكَفَّ عن الدعاء فلم يَدْعُهم، وكفُّوا عنه إلا الاستهزاء، وكانوا يسخرون به، فلما أدرك الشجرُ أمره ربُّه فقطعها وجفَّفها ولفَقها (٢)، فقال: يا رب! كيف أتَّخذ هذا البيت؟ قال: اجعله على ثلاثِ صورٍ، رأسُه كرأس الدِّيك،
(١) في (ف): "احذر".
(٢) "ولفقها" ليس في (ف).