Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
والثاني (١): أنَّه جائزٌ أخذُ الأخيار ومعاتبةُ الكبار بالأمر الخفيف اليسير الذي لا يُؤخذ (٢) بمثله غيرُه؛ لكثرة نِعَمِ اللَّهِ تعالى عليهم وعظيمِ منَّته عندهم، كما أُوعدوا بتضاعُف العذاب على ما كان لغيرهم، وهو كحالِ يونسَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فارق قومَه لِمَا عاين (٣) مِن المناكير فيهم، وفعلُه مِن غيره أَحمدُ ما يوصَف به.
وكذلك عُوتب نبيُّنا محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- بما خطر بباله مِن تقريب رؤساء الكفرة إشفاقًا عليهم وحرصًا على إسلامهم، ويُعدُّ ذلك مِن غيره مِن خصال الخير.
والثالث: أنَّه إنَّما عُوتب بالذي يجوز ابتداء المحنة به ولمثْلِه خلَقه، حيث قال: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} البقرة: ٣٠ لكنَّه بكرمه عوَّد خَلْقه تقديمَ إحسانه وإيلائه (٤) على محنته وبلائه، قال اللَّه تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} الأعراف: ١٦٨.
ثم في ذلك أبلغُ زجرٍ لغيره، وفيه تعظيمُ خَطَر الذنوب في القلوب، فإنَّ أبا البشر، والمخصوصَ بالخلافة وسجودِ الملائكة، والمخصَّصَ بالعلم، عُوتب بهذا القَدْر مِن الزَّلَّة؛ ليَعلَمَ الخلقُ أنَّه ليس في أمر اللَّه تعالى هَوادةٌ، ولا في حُكمه محاباةٌ، فيكونوا (٥) أبدًا على حذرٍ وخِيفةٍ، ويفزعوا (٦) إليه بالعصمة عمَّا يُوجب المقتَ والعقوبة.
(١) قوله: "الثاني" كذا وقع، ولم يرد قبله التصريح بالأول، ويفهم من كلام الماتريدي في "التأويلات" (١/ ٤٢٩ - ٤٢٨) أن الأول هو ما جاء في قوله: "ثم إنَّما كان النسيانُ في حقِّ غيرِه عذرًا. . . ".
(٢) في (ر): "يؤاخذ"، وفي (ف): "يوجد".
(٣) في (ر): "رأى".
(٤) في (أ): "وإبلائه" وفي (ر): "وائلا به". وفي "التأويلات": (وإنعامه).
(٥) في (ر): "فيكونون"، وفي (ف): "فيكون".
(٦) في (ر): "ويفزعون".