لأن عمر، رحمه الله، كان أمرهم أن لا يقاتلوا إلا أن يقاتلوا حتى يأتيهم أمره وتصلهم أمداد المسلمين.
تأمير عمر، رضى الله عنه، سعد بن أبى وقاص على العراق وذكر الخبر عن حرب القادسية «1»
ذكر المدائنى بإسناده إلى رجال من أهل العلم يزيد بعضهم على بعض أن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، كان يخير من قدم عليه من العرب بين الشام وبين العراق، فكانت مضر تختار العراق وتختار أهل اليمن الشام، فقال عمر: اليمن أشد تعاطفا يحنون إلى سلفهم، ونزار كلهم سلف نفسه، ومضر لا تحن إلا سلفها، ولم يكن أحد من العرب أشد إقداما على أرض فارس من ربيعة، فبلغ عمر اختلاف المثنى بن حارثة وجرير ابن عبد الله فى الإمارة، فاستشار الناس، فقال المغيرة بن شعبة: يا أمير المؤمنين، تداركهم برجل من المهاجرين واجعله بدريا، فقال: أشيروا علىّ برجل، فقال عبد الرحمن ابن عوف: قد وجدته، قال: من هو؟ قال: سعد بن أبى وقاص، قال: هو لها، فكتب عمر إلى المثنى: لم أكن لأستعملك على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب إلى جرير والمثنى: إنى موجه سعدا إليكما، فاسمعا له وأطيعا.
وذكر الطبرى وغيره فى هذا الموضع من تحرك عمر، رضى الله عنه، للخروج إلى العراق بنفسه واستدعائه وجوه المهاجرين والأنصار للمشورة عليه فيه، بعد أن خرج بذلك الرسم فنزل صرارا، وقدم بين يديه طلحة بن عبيد الله فنزل الأعوص، وخلف بالمدينة على بن أبى طالب واليا عليها، وإشارة أولى الرأى عليه بالرجوع إلى المدينة، والاستخلاف على ذلك الوجه، واستنفار العرب له، ما قد فرغنا من ذكره فى صدر وقعة البويب من خبر الجسر، حيث ذكره المدائنى، ولعل ذلك الموضع أولى به، فإن يكن كذلك فقد ذكرناه حيث ينبغى، وإن يكن موضعه هذا، فقد نبهنا عليه ليعرف ما وقع من الاختلاف بين المؤلفين فى هذا الشأن بحسب ما تأذى إليهم من جهة النقل، والأمر فى ذلك قريب، والاختلاف فى المنقولات غير مستنكر، والله تعالى أعلم.
وقد كان أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، استعمل سعد بن أبى وقاص على