وكتب عمر إلى عتبة: أن اصرف الناس عن الظلم، واتقوا الله، واحذروا أن يدال عليكم لغدر يكون منكم أو بغى، فإنكم إنما أدركتم بالله ما أدركتم على عهد عاهدكم عليه، وقد تقدم إليكم فيما أخذ عليكم، فأوفوا بعهد الله، وقوموا على أمره يكن لكم عونا وناصرا.
وبلغ عمر، رحمه الله، أن حرقوصا نزل جبل الأهواز والناس يختلفون إليه، والجبل كئود يشق على من رامه، فكتب إليه: بلغنى أنك نزلت منزلا كئودا لا تؤتى فيه إلا على مشقة، فأسهل ولا تشقن به على مسلم ولا معاهد، وقم فى أمرك على رجل تدرك الآخرة وتصف لك الدنيا، ولا تدركنك فترة ولا عجلة، فتكدر دنياك وتذهب آخرتك.
ذكر غزو المسلمين أرض فارس «1»
قالوا «2» : وكان المسلمون بالبصرة وأرضها يومئذ سوادها، والأهواز على ما هم عليه، ما غلبوا عليه منها ففى أيديهم، وما صلحوا عليه ففى أيدى أهله يؤدون الخراج، ولا يدخل عليهم، ولهم الذمة والمنعة، وعميد الصلح الهرمزان. وقد قال عمر، رحمه الله:
حسبنا أهل البصرة سوادهم والأهواز، وددت أن بيننا وبين فارس جبلا من نار لا نصل إليهم منه ولا يصلون إلينا، كما قال لأهل الكوفة: وددت أن بينهم وبين الجبل جبلا من نار لا يصلون إلينا منه ولا نصل إليهم.
وكان العلاء بن الحضرمى على البحرين، رده إليها عمر بعد أن عزله عنها بقدامة بن مظعون، وكان العلاء يناوئ سعد بن أبى وقاص لصدع صدعه القضاء بينهما، فطار العلاء على سعد فى الردة بالفضل، فلما ظفر سعد بالقادسية، وأزاح الأكاسرة، واستعلى بأعظم مما كان جاء به العلاء، أسر العلاء أن يصنع شيئا فى الأعاجم، ورجاء أن يدال كما قد كان أديل، ولم يقدر العلاء، ولم ينظر فيما بين فضل الطاعة وفضل المعصية وعواقبها، فندب أهل البحرين إلى أهل فارس، فتسرعوا إلى ذلك، ففرقهم أجنادا، على أحدها الجارود بن المعلى، وعلى الآخر السوار بن همام، وعلى الآخر خليد بن المنذر بن ساوى، وهو مع ذلك على جماعة الناس، فحملهم فى البحر إلى فارس بغير إذن عمر،