ثم رمى حارثة بن سراقة- أحد بنى عدى بن النجار- وهو يشرب من الحوض بسهم فأصاب نحره فقتله.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرضهم، ثم قال: «والذى نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة» «1» .
فقال عمير بن الحمام، أخو بنى سلمة وفى يده تمرات يأكلهن: بخ بخ! أفما بينى وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلنى هؤلاء! ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل حتى قتل.
وقال- يومئذ- عوف بن الحارث وهو ابن عفراء: يا رسول الله، ما يضحك الرب من عبده؟ فقال: «غمسه يده فى العدو حاسرا» «2» فنزع درعا كانت عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.
وقاتل عكاشة بن محصن الأسدى حليف بنى عبد شمس يوم بدر بسيفه حتى انقطع فى يده، فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جذلا من حطب، فقال: «قاتل بهذا يا عكاشة» »
، فلما أخذه هذه فعاد فى يده سيفا طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين، وكان ذلك السيف يسمى العون، ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل فى الردة وهو عنده، قتله طليحة الأسدى.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشا ثم قال: «شاهت الوجوه» «4» ، ثم نفحهم بها، ثم أمر أصحابه فقال: «شدوا» ، فكانت الهزيمة عليهم.