وفى كلام أكثر من هذا وعظهم به، وذكرهم. وقد كان الناس نفروا وهموا، فنفعهم الله بكلامه، فلم يرتد بمكة أحد، فلما بلغ عمر بن الخطاب مقام سهيل، قال: أشهد أن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، حق، فهو والله هذا المقام.
ذكر بدء الردة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان من تأييد الله لخليفة رسوله عليه السلام فيها
قالت عائشة رضى الله عنها: لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، نجم النفاق وارتدت العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية، وصار المسلمون كالغنم المطيرة فى الليلة الشاتية، لفقد نبيهم، حتى جمعهم الله على أبى بكر، فلقد نزل بأبى ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها، فو الله ما اختلفوا فيه من أمر إلا طار أبى بعلائه وغنائه، وكان من رأى ابن الخطاب علم أنه خلق عونا فللإسلام، كان والله أحوذيا، نسيج وحده، قد أعد للأمور أقرانها.
وفى الصحيح من حديث أبى هريرة، قال: لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر رضى الله عنه، بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبى بكر:
كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم منى نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على الله؟» فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب: فو الله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبى بكر للقتال، فعرفت أنه الحق «1» .