Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
ـسمعت فتوى من أحد المشايخ أنه يجوز للمسلم أن يوصي ببناء كنيسة من أمواله بعد موته، وأن هذا لا يكون معصية، فهل هذا الكلام صحيح؟ـ
لا نتصور أن مسلما عاقلاً عنده علم بالشرع يمكن أن يفتي بمثل هذه الفتوى، فقد يكون حصل خطأ ما في النقل عنه أو في فهم كلامه ... إلخ.
ولكننا سنجيب على ما ورد في السؤال:
لا يختلف المسلمون أن الوصية بإعانة أهل المعاصي لا تجوز، وذلك لقول الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/٢.
ولا نحتاج أن نقرر أن بيوت العبادة التي يتعبد فيها غير المسلمين هي بيوت معصية، فإنها يشرك فيها بالله، ويسب أنبياؤه، ويُكذَّبون، ويُسب القرآن، ويُستهزأ به، ويُحارب التوحيد، ويُنصر الشرك ويدعى إليه، وقد تحاك فيها المؤامرات على الموحدين المؤمنين، مع ما يكون فيها من أعياد محرمة، وشرب للخمور، وفعلٍ للفجور أحياناً ... ومثل هذه الأمور معلومة معروفة.
وعليه، فلا يجوز للمسلم قطعاً أن يوصي بشيء من ماله لبناء كنيسة أو غيرها من معابد غير المسلمين.
وهذا الحكم لا يختلف فيه العلماء، ولذلك نكتفي بنقل واحد فقط عن كل مذهب من مذاهب الأئمة المعتبرين (المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي والظاهري) .
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (٨/٣٤١) :
"وَلَوْ أَوْصَى الْمُسْلِمُ لِبَيْعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ بِوَصِيَّةٍ , فَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ" انتهى.
"سئل ابن القاسم: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ , أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ كَنِيسَةٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَهُ ; لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُكْرِي دَارِهِ وَلَا يَبِيعَهَا مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً , وَلَا يُكْرِي دَابَّتَهُ مِمَّنْ يَرْكَبُهَا إلَى الْكَنِيسَةِ" انتهى.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (٤/٢٢٥) :
"فَإِذَا أَوْصَى النَّصْرَانِيُّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَجَاءَنَا وَرَثَتُهُ أَبْطَلْنَا مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ إنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ، كَمَا نُبْطِلُهُ إنْ شَاءَ وَرَثَةُ الْمُسْلِمِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ يَبْنِي بِهِ كَنِيسَةً لِصَلَاةِ النَّصَارَى، أَوْ يَسْتَأْجِرُ بِهِ خَدَمًا لِلْكَنِيسَةِ، أَوْ يَعْمُرُ بِهِ الْكَنِيسَةَ، أَوْ يَسْتَصْبِحُ بِهِ فِيهَا، أَوْ يَشْتَرِي بِهِ أَرْضًا فَتَكُونُ صَدَقَةً عَلَى الْكَنِيسَةِ وَتَعْمُرُ بِهَا أَوْ مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً" انتهى.
"وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَعْصِيَةٍ وَفِعْلٍ مُحَرَّمٍ , مُسْلِمًا كَانَ الْمُوصِي أَوْ ذِمِّيًّا , فَلَوْ وَصَّى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ أَوْ بَيْتِ نَارٍ , أَوْ عِمَارَتِهِمَا , أَوْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا , كَانَ بَاطِلًا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ" انتهى.
قال ابن حزم في "المحلى" (٨/٣٧) :
"وَلَا تَحِلُّ وَصِيَّةٌ فِي مَعْصِيَةٍ - لَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مِنْ كَافِرٍ - كَمَنْ أَوْصَى بِبُنْيَانِ كَنِيسَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ , لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) . وقوله تعالى: (وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) فَمَنْ تَرَكَهُمْ يُنَفِّذُونَ خِلَافَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِمْ فَقَدْ أَعَانَهُمْ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" انتهى.
فهذه نصوص الأئمة، وبعضها يصرح بالحكم ذاته - وهو المنع - في وصية النصراني لكنيسة ـ وهو نصراني ـ فكيف يكون الحكم في وصية المسلم لكنيسة!
وقد نقل بعض العلماء الإجماع على ذلك.
قال تقي الدين السبكي الشافعي رحمه الله:
"بِنَاءُ الْكَنِيسَةِ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ , وَكَذَا تَرْمِيمُهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاءُ: لَوْ وَصَّى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ ; لِأَنَّ بِنَاءَ الْكَنِيسَةِ مَعْصِيَةٌ، وَكَذَا تَرْمِيمُهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَصِّي مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا" انتهى.
بل الأمر أخطر من كونه معصية، فبناء معبد لغير المسلمين – كنيسة أو غيرها - فيه محبة للكفر ونشر له، ومحاربة للتوحيد، وتشجيع للكفر برب العالمين ... وهذا يصل بصاحبه إلى الكفر.
قَالَ الإمام أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ رحمه الله:
"إرَادَةُ الْكُفْرِ كُفْرٌ، وَبِنَاءُ كَنِيسَةٍ يَكْفُرُ فِيهَا بِاَللَّهِ كُفْرٌ، لِأَنَّهُ إرَادَةُ الْكُفْرِ" انتهى.
فكيف يقال بعد ذلك بجواز وصية المسلم بشيء من ماله لبناء كنيسة، وأن هذا ليس معصية! سبحانك هذا بهتان عظيم.
نسأل الله تعالى أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا.