Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
قَدْ أَكلت العَنَزَةُ مِنْ عَجُزِها طَائِفَةً فَقَالَ رَاعِي الإِبل، وَكَانَ نُمَيْرِيّاً فَصِيحًا: طَرَقَتْها العَنَزَةُ فَمَخَرَتْها، والمَخْرُ الشَّقُّ، وَقَلَّمَا تَظْهَرُ لِخُبْثِهَا؛ وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ:
رَكِبَتْ عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلا
شَرَّ يَوْمَيْها وأَغواهُ لَهَا ... رَكِبَتْ عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلا
قَالَ الأَصمعي: وأَصله أَن امرأَة مِنْ طَسْمٍ يُقَالُ لَهَا عَنْزٌ أُخِذَتْ سَبِيَّةً، فَحَمَلُوهَا فِي هَوْدَج وأَلطفوها بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَتْ:
شَرُّ يَوْمَيْهَا وأَغواه لَهَا
تَقُولُ: شَرُّ أَيامي حِينَ صِرْتُ أُكرم للسِّباء؛ يُضْرَبُ مَثَلًا فِي إِظهار البِرِّ بِاللِّسَانِ وَالْفِعْلِ لِمَنْ يُرَادُ بِهِ الْغَوَائِلُ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: كَانَ المُمَلَّكُ عَلَى طَسْمٍ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ عُمْلُوقٌ أَو عِمْلِيقٌ، وَكَانَ لَا تُزَفُّ امرأَةٌ مِنْ جَدِيسَ حَتَّى يؤْتى بِهَا إِليه فَيَكُونَ هُوَ المُفْتَضّ لَهَا أَولًا، وجَدِيسُ هِيَ أُخت طَسْمٍ، ثُمَّ إِن عُفَيْرَةَ بِنْتَ عَفَارٍ، وَهِيَ مِنْ سَادَاتِ جَدِيسَ، زُفَّتْ إِلى بَعْلِهَا، فأُتِيَ بِهَا إِلى عِمْلِيقٍ فَنَالَ مِنْهَا مَا نَالَ، فَخَرَجَتْ رَافِعَةً صَوْتَهَا شَاقَّةً جَيْبَهَا كَاشِفَةً قُبُلَها، وَهِيَ تَقُولُ:
لَا أَحَدٌ أَذَلَّ مِنْ جَدِيسِ ... أَهكذا يُفْعَلُ بالعَرُوسِ
فَلَمَّا سُمِعُوا ذَلِكَ عَظُمَ عَلَيْهِمْ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُمْ وَمَضَى بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، ثُمَّ إِن أَخا عُفَيْرَةَ وَهُوَ الأَسود بْنُ عَفَار صَنَعَ طَعَامًا لعُرْسِ أُخته عُفَيرة، وَمَضَى إِلى عِمْلِيقٍ يسأَله أَن يَحْضُرَ طَعَامَهُ فأَجابه، وَحَضَرَ هُوَ وأَقاربه وأَعيان قَوْمِهِ، فَلَمَّا مَدُّوا أَيديهم إِلى الطَّعَامِ غَدَرَتْ بِهِمْ جَدِيسُ، فَقُتِلَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ الطَّعَامَ وَلَمْ يُفلِتْ مِنْهُمْ أَحد إِلا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رِياحُ بْنُ مُرَّة، تَوَجَّهَ حَتَّى أَتى حَسَّان بْنَ تُبَّعٍ فاسْتَجاشَهُ عَلَيْهِمْ ورَغَّبَهُ فِيمَا عِنْدَهُمْ مِنَ النِّعم، وَذَكَرَ أَن عِنْدَهُمُ امرأَة يُقَالُ لَهَا عَنْز، مَا رأَى النَّاظِرُونَ لَهَا شِبْهاً، وَكَانَتْ طَسْم وجَدِيسُ بجَوِّ الْيَمَامَةِ، فأَطاعه حسانُ وَخَرَجَ هُوَ وَمَنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتوا جَوًّا، وَكَانَ بِهَا زرقاءُ الْيَمَامَةِ، وَكَانَتْ أَعلمتهم بِجَيْشِ حَسَّانَ مِنْ قَبْلِ أَن يأْتي بِثَلَاثَةِ أَيام، فأَوقع بِجَدِيسَ وَقَتَلَهُمْ وَسَبَى أَولادهم ونساءَهم وَقَلَعَ عَيْنَيْ زَرْقَاءَ وَقَتَلَهَا، وأُتِيَ إِليه بعَنْز رَاكِبَةً جَمَلًا، فَلَمَّا رأَى ذَلِكَ بَعْضُ شُعَرَاءِ جَدِيسَ قَالَ:
أَخْلَقَ الدَّهْرُ بِجَوٍّ طَلَلا ... مثلَ مَا أَخْلَقَ سَيْفٌ خِلَلا
وتَداعَتْ أَرْبَعٌ دَفَّافَةٌ ... تَرَكَتْه هامِداً مُنْتَخِلا
مِنْ جَنُوبٍ ودَبُورٍ حِقْبَةً ... وصَباً تُعْقبُ رِيحاً شَمْأَلا
وَيْلَ عَنْزٍ واسْتَوَتْ راكِبَةً ... فوقَ صَعْب، لَمْ يُقَتَّلْ ذُلُلا
شَرَّ يَوْمَيْها وأَغْواهُ لَهَا ... رَكِبَتْ عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلا
لَا تُرَى مِنْ بَيْتِهَا خارِجَةً ... وتَراهُنَّ إِليها رَسَلا
مُنِعَتْ جَوّاً، ورامَتْ سَفَراً ... تَرَكَ الخَدَّيْنِ مِنْهَا سَبَلا