Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
وخلقت حركة التنوير في شرق أوربا طبقة وسطى يهودية متشربة ببعض الأشكال الثقافية اليهودية الخاصة ولها ولاء كامل لتراثها الديني الغربي، ولكنها كانت في الوقت نفسه مُشبَّعة بالأفكار السياسية والاجتماعية الغربية من قومية إلى إشتراكية. وهذا الازدواج الفكري، أو التعايش بين نقيضين، هو الذي أفرز القيادات والزعامات الصهيونية القادرة على التحرك في إطار معتقداتها التقليدية المتكلسة، والتي تجيد في الوقت نفسه استخدام المصطلحات والوسائل العلمانية. وقد عمَّق التناقض الأساسي الكامن في فكر حركة الاستنارة الغربية (الاتجاه نحو العام والمجرد والآلي مقابل الاتجاه نحو الخاص والحسي والعضوي) هذا التناقض. فعلى حين أن النزعة الأولى نحو العام تطالب بدمج اليهود وبتخليهم عن خصوصيتهم، تتجه النزعة الحسية (والرومانسية) نحو تأكيدها والمطالبة بتقوية الوعي القومي. وهذا التناقض يظهر حتى عند مندلسون نفسه، أهم دعاة التنوير. فاليهودية هي دين العقل (العام) ، ولكن شعائرها مُرسَلة ومُوحى بها (الخاص) . ولذا، فإن العقائد الأساسية عامة ومُرسَلة لكل البشر، أما الشعائر فهي مقصورة على اليهودية وهي مصدر هويتهم وعلى اليهود الحفاظ عليها. وقد اتبع صموئيل لوتساتو الإستراتيجية نفسها في فلسفته. وأخذت رقعة العام في الانكماش في كتابات المفكرين اليهود (كما حدث في الحضارة الغربية نفسها) حتى نصل إلى علم اليهودية، وهو علم كان من ناحية يتكون من دراسات علمية نقدية عقلانية تهدف إلى الكشف العلمي عن الحقيقة التاريخية أو الاجتماعية أو الأنثروبولوجية الكامنة وراء القصص الديني، ولكنه كان، من ناحية أخرى، علماً يهدف إلى اكتشاف ماضي اليهود وإنجازاتهم الحضارية المتميِّزة والمنفردة حتى يكتشفوا خصوصيتهم ويقووا وعيهم القومي بها.