Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
حينما يتم تناول أي نص أياً كانت قداسته، لابد أن يؤخذ في الاعتبار سياقه التاريخي، فلا يمكن فهم ما جاء في العهدين القديم والجديد إلا بفهم الوضع في فلسطين منذ التسلل العبراني في كنعان حتى ظهور المسيح، ولا يمكن فهم ما يقوله المسيح (رغم أهميته الدينية والأخلاقية المطلقة) إلا بإدراك الأبعاد التاريخية في أقواله. فالمطلق رغم مطلقيته، لابد أن يتبدَّى من خلال النسبي (في لحظات) إذ أن الإنسان الذي يعيش في التاريخ لا يمكنه أن يدرك المطلق إلا من خلال النسبي. ورؤية المطلق في علاقته بالنسبي، والإلهي في علاقته بالتاريخي، لا تعني بالضرورة أن يُردَّ الأول برمته إلى الثاني، وإنما تعني أن الثاني هو المجال الذي يتبدى من خلال الأول. وإذا كان هذا ينطبق على الكتب الدينية (المقدَّسة) ، فهو لا شك ينطبق بشكل أكبر على كتب الشروح والتفسير، مهما خلعت على نفسها من قداسة وإطلاق. والتلمود هو، في نهاية الأمر، كتاب تفسير وضعته القيادة الدينية لأقليات متناثرة كانت تعيش في قلق وخوف وإحساس بالخطر المحدق بها (الحقيقي والوهمي) في عصور لم يكن يُعترَف فيها بحقوق أعضاء المجتمع، ناهيك عن حقوق أعضاء الأقليات، تلك الأقليات التي كانت تلعب دور الجماعة الوظيفية المرتبطة بالطبقة الحاكمة، ولكنها كانت غير محبوبة منها، كما كانت قريبة من الطبقات الشعبية ولكنها مكروهة منها. لقد كانت هذه الجماعة تعيش، إذن، في عزلة عن الجميع (وكان التلمود من أهم وسائل هذا العزل) . وقد نتج عن هذا الوضع إحساس زائد بالذات، ولذا فَقَد أعضاء الجماعات اليهودية وقياداتهم قدراً كبيراً من علاقتهم بالواقع وانفصل فكرهم عنه، وأصبح التلمود مجالاً للتعويض عما يلاقونه من اضطهاد، فتحوَّل التلمود إلى صياغات لفظية يمارسون من خلالها الانتقام من أعدائهم، عن طريق الحط من شأنهم وإظهار التفوق اليهودي، وخصوصاً في آخر الأيام بعد عودة الماشيَّح حيث يبطشون ويبطش ربهم بكل