Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
إِنَّ الشَّرِيعَةَ كَمَا أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، وَجَارِيَةٌ عَلَى مُخْتَلِفَاتِ أَحْوَالِهِمْ، فَهِيَ عَامَّةٌ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَالَمِ الْغَيْبِ وَعَالَمِ الشَّهَادَةِ مِنْ جِهَةِ كُلِّ مُكَلَّفٍ، فَإِلَيْهَا نَرُدُّ كُلَّ مَا جَاءَنَا مِنْ جِهَةِ الباطن، كما نرد إليها كل كُلَّ مَا فِي الظَّاهِرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَشْيَاءُ.
- مِنْهَا: مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا مِنْ تَرْكِ اعْتِبَارِ الْخَوَارِقِ إِلَّا مَعَ مُوَافَقَةِ ظاهر الشريعة.
- والثاني: أن الشريعة حكامة لَا مَحْكُومٌ عَلَيْهَا، فَلَوْ كَانَ مَا يَقَعُ مِنَ الْخَوَارِقِ وَالْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ حَاكِمًا عَلَيْهَا بِتَخْصِيصِ عُمُومٍ، أَوْ تَقْيِيدِ إِطْلَاقٍ، أَوْ تَأْوِيلِ ظَاهِرٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لَكَانَ غَيْرُهَا حَاكِمًا عَلَيْهَا، وَصَارَتْ هِيَ مَحْكُومًا عَلَيْهَا بِغَيْرِهَا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ، فَكَذَلِكَ مَا يَلْزَمُ عَنْهُ.
- وَالثَّالِثُ: أَنَّ مُخَالَفَةَ الْخَوَارِقِ لِلشَّرِيعَةِ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِهَا فِي نَفْسِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي ظَوَاهِرِهَا كَالْكَرَامَاتِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، بَلْ أَعْمَالًا مِنْ أَعْمَالِ الشَّيْطَانِ، كَمَا حَكَى عِيَاضٌ١ عَنِ الْفَقِيهِ أَبِي مَيْسَرَةِ الْمَالِكِيِّ٢ أَنَّهُ كَانَ لَيْلَةً بِمِحْرَابِهِ يُصَلِّي وَيَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ، وَقَدْ وَجَدَ رِقَّةً، فَإِذَا الْمِحْرَابُ قَدْ انْشَقَّ وَخَرَجَ مِنْهُ نُورٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ بَدَا لَهُ وَجْهٌ كَالْقَمَرِ، وَقَالَ لَهُ: "تَمَلَّأْ مِنْ وَجْهِي يَا أَبَا مَيْسَرَةَ، فَأَنَا رَبُّكَ الْأَعْلَى"، فَبَصَقَ فِيهِ وَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ يَا لَعِينُ عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ.
وَكَمَا يُحْكَى عَنْ عَبْدِ الْقَادِرِ الْكِيلَانِيِّ أَنَّهُ عَطِشَ عَطَشًا شَدِيدًا، فَإِذَا سَحَابَةٌ قَدْ أَقْبَلَتْ وَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِ شِبْهَ الرَّذَاذِ حَتَّى شَرِبَ، ثُمَّ نُودِيَ مِنْ سحابة٣: "يا
١ في "ترتيب المدارك" "٣/ ٣٥٩- ط بيروت".
٢ اسمه أحمد بن بزار، يكنى بأبي جعفر، من الفقهاء العباد المتبتلين، وكان مجانبا لأهل الأهواء، توفي سنة ٣٣٧هـ"، أفاد القاضي عياض.
٣ في "ط": "السحابة".